دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد
الناشر
مکتبة دار المنهاج
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ م
مكان النشر
للنشر والتوزيع - الملكة العربية السعودية الرياض
تصانيف
المقدمة
أحْمَدُه -جَلَّ ذِكْرُه - بجميع محامِدِه، وأُثْني عليه بتواتُر فواضله ونِعَمه، وأَستهديه سبيل الصواب في القول والعَمَلِ بمننِهِ، وأُصلي على خير خلقه وأكْرم رُسله ﷺ، وعلى أَصحابه وأهل بيته.
ثم أمَّا بعدُ:
فإِنّ من حِكْمةِ الله تعالى، وجَسيمِ لُطفْهِ ورحمته بعباده: أنْ ابْتعثَ إِليهم خيَر خَلْقهِ، وخاتَم رُسُلِهِ محمّدًا -صلوات ربي وسلامه عليه-، وجعله محْفوفًا ببرهان الوحي المُشتمل على هداية البشريَّة من لُجَج الظُّنون، ونورًا للبريّةِ من مُدْلَهِمَّات الشُّبهات وغَسَق الفُتون، وافترضَ على العباد اتّباع وحْيِهِ كتابًا وحِكْمةً، وأَناط الفوزَ والسعادةَ الأبدية للمتمسكين به، الصَّادرين عنه، المُدِيرين عليه أَقوالَهم وأَعمالَهم = فكان أَسعدَ الخلقِ بهذا النُّورِ، وأَحقَّ النّاس به، وأَعلاهم به عينًا، وأَشدَّهم تعظيمًا واتباعًا له = أَهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ؛ لانطواء ضَمَائرِهِم على يقينٍ كُلّيٍّ بِصدْق ضرورتين فطريتين:
الضرورةِ الأُولى: قيامُ التلازُم بين نور الوحي وبين بَصَر العقل، وتعذُّر الانتفاع بأَحدهما دون الآخر. فنورُ الوحي بلا بصرِ العقل لا تتحصّل الاستفادةُ منه؛ إذْ بالعقل عُلِم صِدقُ الوحي، وأنّه من لَدُن حكيمٍ عليم، وبَصَرُ العقل بلا نورِ الوحي قضاءٌ على العقل بالضياع في مَنَادِح الأَهواء، ومَسَارِب العَمَايةِ.
الضرورة الأخرى: أَنَّ جرَيَان التناقُض بين وحيه تعالى المشمول
1 / 13