103

دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

الناشر

مکتبة دار المنهاج

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٥ م

مكان النشر

للنشر والتوزيع - الملكة العربية السعودية الرياض

تصانيف

وكما ثبت من جوابه لعائشة لمّا أَشكل عليها قول النبي ﷺ: (من نوقش الحساب عُذِّب) (^١) وكاستشكالهم حشْر صنفٍ من الناس يوم القيامة على وجوههم، كما ثبت عن أَنس بن مالك ﵁،أنَّ رجلًا قال: يا نبيَّ الله كيف يُحْشر الكافرُ على وجْهِهِ يوم القيامة؟ قال ﷺ: (أليسَ الَّذي أَمْشَاهُ على الرِّجلين في الدُّنيا قادرًا على أَن يُمْشيه على وجهه يوم القيامة) (^٢) وغيرها من الشواهد الدَّالة على إعمالهم العقل في فهم الدَّلائل =أو حصول المعارضة للنَّصِّ بعد وفاته ﷺ بدليل شرعي قد يعتضد بنظر عقلي يؤيده لا بمعقول محض، وذلك في وقائع نادرة كما تقدم. وبالجملة: فإنَّ الحديثَ متى كان صحيحًا محكمًا، فالأمر فيه كما قرَّره الإمام الشَّافعي ﵀ عندما سئل بأي شيءٍ يثبت الخبر، فقال: (إذا حَدَّث الثقةُ عن الثقةِ حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ، ولا يُترك له حديثٌ أَبدًا= إلا حديثٌ واحدٌ يُخالفُه حديثٌ، فيذهب إلى أَثبت الرِّوايتين، أو يكون أَحدهما مَنسوخًا فيعمل بالنَّاسخِ، وإن تَكَافيَا =ذَهَبَ إلى أشبههما بكتاب الله وسنة نَبيِّه فيما سواهما. وحديث رسول ﷺ مستغن بنفسه وإذا كان يروى عمن دونه حديث يخالفه لم ألتفت إليه وحديث رسول الله ﷺ أولى) (^٣) .

(^١) أخرجه البخاري كتاب"العلم" باب"من سمع شيئًا فراجع حتى عرفه" (١/ ٥٤ - [١٠٣]) (^٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب "التفسير"،باب"سورة الفرقان" (٦/ ١٠٩ - رقم [٤٧٦٠]) ومسلم في "صحيحه"كتاب "صفات المنافقين وأحكامهم"،باب"يحشر الكافر على وجهه" (٤/ ٢١٦١ - رقم [٢٨٠٦]) (^٣) أخرجه الهروي بإسناده في "ذمِّ الكلام وأهله" (٢/ ١٧٥)،وهو في كتاب"اختلاف مالك والشَّافعي" (٨/ ٥١٣ - ٥١٤ - الأم)،وإنَّما سُقتُ ما أخرجه الهروي مع وجود الأَصل؛ لأنَّ الرِّواية عنده مختصرة ودالَّة على المقصود

1 / 104