ثم وقعت وقعات في زبيد كثيرة، ثم أظهر العسكر أن المظفر ضعيف عن أمر الخلافة. وخرج جماعة من العبيد إلى حيس، فبحثوا من بها من الملوك فوجدوا احمد بن الناصر بن الظاهر بن يوسف بن عبدالله بن المجاهد بن علي الرسولي، فأقاموه سلطانا، ودخلوا إلى زبيد، فنزل بالدار الكبير الناصري. ثم اجتمع بعد ذلك جماعة من العبيد إلى باب الدار، وضربت نقرهم وصاحوا صيحة منكرة وساروا لوقتهم(1) ينهبون المدينة ويقتلون من وجدوه، وقصدوا بيوت التجار، ولم يزالوا كذلك من صحوة النهار إلى العصر، وقتل من أهل زبيد أربعة، ومن العبيد واحد، ثم خرج السلطان لمباشرة النخل بوادي زبيد فقام نحو خمسين من عفاريت زبيد نحو الباب ليغلقوه، وظنوا أنهم لا يغلبون، فإنهم لما أرادوا إغلاقه وجدوا عسكر السلطان عليه فرجعوا هاربين، وتسوروا الدرب، واستجاروا ببيوت المناصب، فنهبت عساكر السلطان البلد نهبا شنيعا.
ثم قدم السلطان بعد المغرب، فأمر بقتل من وجد من صغير وكبير فلم يبق لأهل زبيد باقية، حتى أخرجوا ما في الآبار والمدافن، ولم تسلم إلا بيوت جماعة من كبراء الدولة والمناصب، وأصبحت زبيد كأن لم تغن بالأمس وتفرق أهلها شذر مذر، فلقب هذا السلطان بالخاسر لهذه الوقائع في أيامه. ثم قبض عليه في شهر ربيع الأول من سنة ست وأربعين، وأخرج سالما إلى الطلحية هو وأولاده، فكان [مدة](2) قيامه نحو عشرة أشهر.
صفحة ١٥٧