قال القرطبي(1): خرجت نار الحجاز بالمدينة وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالثة من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت، وظهرت بقريظة النار بطرف الحرة، ترى في صفة البلد العظيمة، عليها سور تحيط به شراريف وابراج ومواذن فترى رجال يوقدونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور بين يديه وينتهي إلى محط الركب العراقي، واجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم فانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك كان يأتي إلى المدينة نسيم بارد، شوهد لهذه النار غليان كغليان البحر.
قال: قال لي بعض أصحابنا: رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام، وسمعت أنها دويت من مكة، ومن جبال بصرى.
قال: قال لي القطب: فلما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار، فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشي الأفق سواده، فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار وظهرت مثل المدينة العظيمة من جهة المشرق.
صفحة ٣٤٥