169

دعوة الرسل عليهم السلام

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى ١٤٢٣هـ

سنة النشر

٢٠٠٢م

تصانيف

قال إبراهيم ﵇: نعم ...
فأجابته هاجر ﵂ وقالت: إذًا لا يضيعنا١.
ورفع إبراهيم يده إلى السماء، وهو يقول: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ ٢.
واستجاب الله دعاء إبراهيم ﵇ ونبعت زمزم، وجاءت أفواج من الجراهمة، وسكنوا المكان فتأسست مكة المكرمة.
تعلم إسماعيل العربية، وصار رجلا يافعا، واختبره الله تعالى بأن أمر أباه إبراهيم ﵇ بذبحه، فلما أخبره أبوه بذلك استسلم له، قال تعالى: ﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ ٣.
وأسلم نفسه لأبيه لينفذ ما أمره الله به، وقال له: يا أبت اشدد وثاقي، وحدّ الشفرة، وتلني للجبين، حتى لا تقع عينك على عيني، فتأخذك الرحمة والشفقة دون تنفيذ أمر الله، وخذ ثيابي، وأقرأ على أمي مني السلام ... خضع إسماعيل ﵇ صابرا مخلصا، ففداه الله بذبح عظيم.
وقد تزوج إسماعيل ﵇ من الجراهمة زوجتين، طلق الأولى، وأمسك بالثانية؛ لأنه بعدما تزوج الأولى جاء إبراهيم ﵇ من الشام ليتفقد أحواله وأمه، فوجد أن هاجر ﵂ قد ماتت، وأن إسماعيل قد تزوج، فسأل عن بيته، حتى إذا جاءه لم يجد إلا زوجته، فسألها: أين إسماعيل؟ قالت: خرج يبتغي رزقا ...

١ البداية والنهاية ج١، ص١٥٤.
٢ سورة إبراهيم آية: ٣٧.
٣ سورة الصافات آية: ١٠٢.

1 / 175