ويحكى أن بعض النبياء صلوات الله عليهم كان سعيدا بما يرى في المنام، فرأى ليلة أنه قيل له: إذا اصبحت فأول شيء يستقبلك كله، والثاني: اكتمه، والثالث : أقبله، والرابع: لا...........، والخامس: اهرب منه، فلما أصبح استقبل جبلا أسود عظيما فتحير، ثم قال: قد أمرني ربي أن آكل، ولا يأمرني بما لا أطيق، فلما عزم على اكله ومشى إليه ليأكله ودنا منه صغر، فلما انتهى إليه وجده لقمة أحلى من العسل فأكله وحمد الله، ومضى فاستقبل طستا من ذهب، وقال: أمرت أن أكتمه فحفر في الأرض ودفنه فالتفت فإذا الطست فوق الأرض، فرجع مرتين أو ثلاثا وهو يدفنه يم ثجده فوق الأرض، فقال: قد فعلت ما أمرت، ومضى فاستقبله طائر حلقه بازي يريد أخذه، فقال البازيك يا نبي الله إني جائع ولي من الغداة في طلب هذا الصيد فلا تؤيسني من رزق ربي، فقال في نفسه: قد أمرت أن أقبل الثالث وقد قبلته، وأمرت أن لا أؤنس الرابع فرى له بقطعة لحم فأخذها وعزم، ثم أرسل الطائر ومضى فرى الخامس جيفة منتنة فهرب منها، فلما أمسى قال: يا رب قد فعلت ما أمرت، فبين لي ما كان من أمر هذه الأشياء، فرى في منامه أنه قيل له: أما الأول الذي اكلته فهو الغضب يكون في أول الأمر مثل الجبل وفي آخره إذا صبرت وكظمت الغيظ أحلى من العسل، وفي الصير هو إحدى الخمس التي وصى بها الوصي صلوات الله وسلامه عليه حيث قال: أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا، لا يرجون أحدكم إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحين أحد منكم إذا سئل عما لم يعلم أن يقول لا أعلم، ولا يستحين أحد منكم إذا لم يعلم الشي ان يتعلمه، وبالصبر فإن الصير من الإيمان كالرأس من الجسد، لا خير في جسد لا رأس معه، ولا خير في إيمان لا صبر معه، انتهى.
صفحة ١٠