وقد ولد ديفيد في تلك الليلة؛ وبعد إتمام الولادة توجه السيد تشيليب، الطبيب، إلى الردهة ليتحدث إلى الضيفة الغريبة. التي خلعت قبعتها الصغيرة وربطتها بالأشرطة على ذراعها اليسرى.
فسألت الآنسة بيتسي بجفاء وهي تحدق في الطبيب بتجهم شديد جعل أعصابه تتوتر، وقد كان رجلا قصير القامة للغاية: «كيف حالها؟»
أجاب السيد تشيليب بلطف: «بخير يا سيدتي، سوف ترتاح جدا قريبا، أرجو ذلك، ستنعم بالراحة التي نأمل أن تنعم بها أي أم صغيرة. لا مانع من أن تريها الآن يا سيدتي. قد يكون هذا في صالحها.»
قالت الآنسة بيتسي بحدة: «وهي، كيف حالها؟» أمال السيد تشيليب رأسه قليلا على جنب، وراح ينظر إلى الآنسة تروتوود نظرة طائر لطيف.
قالت الآنسة بيتسي: «المولودة، كيف حالها؟»
أجاب السيد تشيليب: «سيدتي، كنت أظن أنك عرفت. إنه صبي.»
لم تنطق الآنسة تروتوود بكلمة واحدة، وإنما أمسكت قبعتها الصغيرة من الأشرطة، مثلما تمسك مقلاع الحجارة، ووجهت بها ضربة لرأس السيد تشيليب، ثم وضعتها فوق رأسها مائلة، وخرجت؛ ولم تعد بعد ذلك مطلقا. لقد كانت في حالة كبيرة من خيبة الرجاء لأن المولود كان صبيا.
يا إلهي! لقد كانت تلك أياما جميلة، أقصد السنوات الأولى من طفولة ديفيد. وكانوا سعداء ومبتهجين دائما؛ هو والأم الصغيرة الجميلة، والمخلصة بيجوتي.
وقد كان لمطبخ بيجوتي باب يفتح على فناء خلفي؛ يوجد في منتصفه بيت حمام منصوب على سارية، لكن لم يكن فيه أي حمام، كما يوجد بيت صغير للكلب في أحد الأركان، ولم يكن به أي كلب كذلك، وهناك عدد من الدجاج وديك يقف على عمود ليصيح فوقه.
كما توجد حديقة اعتاد أن يلعب فيها؛ حيث كانت ثمار الفاكهة الناضجة تتراكم على الأشجار في فترة الصيف الدافئة؛ وهناك في طرف الحديقة البعيد أشجار دردار طويلة تميل إحداها على الأخرى في النسيم مثل عمالقة يتهامسون بالأسرار، وتتدلى من فروعها العليا أعشاش غربان بالية هجرتها الغربان منذ زمن بعيد.
صفحة غير معروفة