مدت الأم ذراعيها وجرت خلفهما إلى الباب؛ لكن الآنسة ميردستون أوقفتها، ورآها ديفيد وهي تضع أصبعيها في أذنيها، وسمعها تبكي.
أخذ السيد ميردستون ديفيد إلى الطابق العلوي، وعندما وصلا إلى غرفته أمسك برأس ديفيد تحت ذراعه.
صاح ديفيد: «سيد ميردستون! سيدي! لا تفعل! أرجوك لا تضربني! لقد حاولت أن أتعلم يا سيدي، لكنني لا أستطيع التعلم عندما تكون أنت والآنسة ميردستون موجودين. لا أستطيع بالفعل.»
قال السيد ميردستون: «ألا تستطيع حقا يا ديفيد؟ سنجرب هذا.»
حينئذ ارتفعت العصا وهوت عليه بقوة، وفي اللحظة نفسها وضع ديفيد يد السيد ميردستون بين أسنانه، وعضها بشدة.
وعندها ضربه السيد ميردستون وكأنما سيضربه حتى الموت. فراح ديفيد يصرخ، وسمع الآخرين يجرون إلى الدور العلوي. كما سمع أمه وهي تصرخ؛ وبيجوتي كذلك.
بعد ذلك تركه السيد ميردستون وأغلق الباب، وانهار ديفيد على الأرض باكيا متألما غاضبا.
بعد قليل بدأ غضبه يفتر، وبدأ يعتقد أنه كان مؤذيا جدا عندما عض يد السيد ميردستون. فجلس يستمع؛ لكنه لم يسمع أي صوت. ثم أخذ يحبو ببطء حتى نهض من على الأرض، ونظر إلى وجهه في المرآة، فرآه متورما ومحمرا وملطخا للغاية؛ وقد كان جسمه متقرحا ومتيبسا جدا من أثر الضرب لدرجة أن الحركة كانت تؤلمه ألما شديدا؛ لكنه راح يحبو حتى وصل إلى النافذة وأسند رأسه على حافتها، وراح ينظر بخمول خارج النافذة، وظل يراوح بين البكاء والإغفاء.
كان الظلام قد بدأ يملأ الغرفة عندما أدير مفتاح الباب، ودخلت الآنسة ميردستون بغطرسة ومعها بعض الخبز واللحم واللبن. لم تقل الآنسة ميردستون كلمة واحدة، وإنما نظرت إليه ببرود؛ ثم خرجت مرة أخرى وأغلقت الباب.
ظل ديفيد جالسا في غرفته حتى أظلم الجو تماما، وظل يتساءل إن كان أي أحد آخر سيأتي إليه؛ ثم خلع ملابسه وزحف إلى فراشه. وبدأ يشعر بالخوف، وهو يرقد في فراشه، بسبب ما فعله، وراح يتساءل عما سيفعلون به.
صفحة غير معروفة