صافحه ديفيد. ثم ذهب وقبل أمه. فقبلته أمه هي الأخرى، وربتت برفق على كتفه، وعادت لما كان في يدها من أعمال التطريز ثانية، وكأنما كانت تخشى أن تظهر مدى شدة حبها لابنها الصغير أمام زوجها.
شعر ديفيد بذهول شديد. وهو يعلم أن السيد ميردستون ينظر إلى كل منهما، فاستدار إلى النافذة وراح ينظر خارجها.
ثم انسل ديفيد إلى الطابق العلوي حالما أتيحت له الفرصة. ولم يدخل إلى غرفة النوم القديمة الحبيبة. حيث أصبحت له غرفة نوم غيرها الآن. كم تغير كل شيء! لم يعد المكان يشبه البيت القديم في شيء تقريبا. نزل ديفيد إلى الطابق السفلي، وراح يتجول في الفناء؛ لكن بيت الكلب الخالي أصبح به كلب أسود كبير، وقد ثار غضبه جدا عندما رأى ديفيد، وقفز خارج البيت ليصل إليه.
فعاد ديفيد مسرعا إلى غرفة نومه، وظل طوال المسافة إلى الطابق العلوي يسمع نباح الكلب في الفناء. كان قلبه مثقلا بحزن كبير؛ يا إلهي! يا لها من عودة إلى المنزل!
جلس ديفيد على طرف سريره وراح يتذكر الصغيرة إيميلي، وتمنى لو أنهم تركوه معها؛ لأنه يبدو ألا أحد يريده هنا. لقد أحس بتعاسة كبيرة ، وفي النهاية غطى نفسه بأحد أطراف غطاء السرير، وراح يبكي إلى أن نام.
استيقظ ديفيد في النهاية على صوت يقول: «ها هو ذا.» وأزال شخص ما غطاء السرير من على رأسه. وحينئذ وجد أن والدته وبيجوتي قد جاءتا تبحثان عنه.
قالت أمه: «ديفي، ما المشكلة؟»
اعتقد ديفيد أنه من الغريب أن تسأله أمه هذا السؤال؛ وأدار وجهه ليخفي شفتيه المرتجفتين.
قالت أمه ثانية: «ديفي، ديفي، يا بني.»
لكن ديفيد خبأ وجهه في كسوة السرير، وأبعد أمه عنه بيده.
صفحة غير معروفة