59

دراسات في الباقيات الصالحات

الناشر

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

رقم الإصدار

السنة ٣٣-العدد ١١٣

سنة النشر

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

تصانيف

روى مسلمٌ في صحيحه وغيرُه عن النبي ﷺ أنَّه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلاّ كان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلاّ للمؤمن، إن أصابته سرّاءُ شكرَ فكان خيرًا له، وإنْ أصابته ضرّاءُ صبر فكان خيرًا له" ١، فأخبر النبي ﷺ أنّ كلَّ قضاء يقضيه الله للمؤمن الذي يصبر على البلاء ويشكر على السرّاء فهو خير له"٢. اهـ.
فإذا عَلم ذلك العبدُ وتيقّنه أقبل على حمد الله في أحواله كلِّها في سرّائه وضرّائه، وفي شدّته ورخائه، ثم هو في حال شدّته لا ينسى فضلَ الله عليه وعطاءَه ونعمتَه.
جاء رجلٌ إلى يونس بن عبيد ﵀ يشكو ضيقَ حاله، فقال له يونس: "أيسُرُّك ببصرك هذا مائةَ ألف درهم؟ قال الرجل: لا، قال: فبيديك مائة ألفِ؟ قال: لا، قال: فبرجليك مائةُ ألفِ؟ قال: لا. قال: فذكّره نعم الله عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة".
وجاء عن سلمان الفارسي ﵁ أنَّه قال: "إنّ رجلًا بُسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه، فجعل يحمدُ الله ويثني عليه حتى لم يكن له فراشٌ إلاّ بارِيَّةٌ٣، قال: فجعل يحمدُ الله ويثني عليه، وبُسط لآخر من الدنيا فقال لصاحب الباريّة: أرأيتك أنت على ما تحمد الله؟ قال: أحمده على ما لو أُعطيت به ما أُعطي الخلق لم أعطِهم إيّاه. قال: وما ذاك؟ قال: أرأيتك بصرك، أرأيتك

١ صحيح مسلم (رقم:٢٩٩٩) بلفظ: "عجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمره كلَّه خير، وليس ذلك ... "، الحديث.
٢ مجموع الفتاوى (١٠/٤٣، ٤٤) .
٣ الحصير المنسوج. القاموس المحيط (ص:٤٥٢) .

1 / 67