الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك

فيكتور هوجو ت. 1450 هجري
95

الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك

تصانيف

شكل 9-5: عندما يكون تمرير الرسالة عاما تماما، يتركز الازدحام في قمة التسلسل الهرمي، مما يؤدي إلى ظهور مركز قوي الاتصال يضم مديري المعلومات، ومحيط من عمال الإنتاج المتخصصين، له شكل التسلسل الهرمي الخالص.

مع أن هذه البنية القائمة على فكرة المركز والمحيط تمثل صورة متطرفة، بل ربما شديدة التطرف للمؤسسة البشرية، فهي تحمل بعض أوجه التشابه مع بنية شبكات التوزيع/إعادة التوزيع؛ كشبكة الخطوط الجوية والنظام البريدي. يتألف هذان النظامان كلاهما من مراكز قوية الاتصال، يعاد توزيع الركاب والخطابات، بالترتيب، في إطارها، وتمتد منها نظم توزيع متفرعة. في شبكة الخطوط الجوية الأمريكية - على سبيل المثال - يمكن الطيران من أي مركز إلى آخر تقريبا مباشرة، ومن ثم تشكل هذه المراكز قلب الشبكة، ويكون لكل مركز شبكة محلية خاصة به من مطارات الدرجة الثانية والثالثة التي يوزع إليها المسافرين أو يستقبلهم منها. تمثل خدمة البريد الأمريكية نظام توزيع جزئيا؛ فهي تجمع البريد من الكثير من النقاط الصغيرة (على سبيل المثال، صناديق مكاتب البريد ومكاتب البريد الفرعية) وتوزعها بدورها على المنازل والشركات، ومن ناحية أخرى، فهي نظام إعادة توزيع أيضا، لكن وظيفة إعادة التوزيع منفصلة على نحو كبير عن وظيفة التوزيع؛ إذ تتم بالأساس بين مراكز التبادل ومكاتب البريد الرئيسية.

يمكن أيضا ملاحظة البنية ذاتها القائمة على فكرة المركز والمحيط - وإن كان بقدر أقل - في بنية الإنترنت التي تشتمل على شبكة تجميع قوية نسبيا تتصل فيها المحولات بكثير من المحولات الأخرى، وتمتد منها العديد من البنى المتفرعة، نزولا بعد ذلك عبر مزودي خدمة محليين، حتى مستوى المستخدمين الأفراد (نقاط التلاقي الفرعية التي تنتهي عندها شجرة التفرع). مع أن الأمر ليس بالوضوح نفسه الذي تتمتع به شبكة الخطوط الجوية، فإن التشابه بين نموذج المركز والمحيط والإنترنت يتسم بالمنطقية؛ إذ تحدث عمليات تبادل البيانات بين المستخدمين المنفصلين انفصالا كبيرا، على النقيض من المستخدمين الذين يشتركون في مزود خدمة إنترنت محلي واحد، ومن ثم يكون عبء «إعادة توزيع» المعلومات مركزا في شبكة التجميع.

مع ذلك، تواجه مؤسسات القطاع العام والشركات الحديثة نوعا من الغموض أكثر تعقيدا عما هو الحال عليه مع الحد العام الخالص أو المحلي الخالص. علاوة على ذلك، تكون نقاط التلاقي في هذه الشبكات أفرادا، وليست محولات إنترنت أو مكاتب، ومن ثم يصعب تبين الفروق البسيطة بين التوزيع وإعادة التوزيع. من النتائج المطمئنة إذن لخوارزمية الحد من الازدحام أن تترتب الملاحظة الثانية على الملاحظة الأولى طبيعيا. يبدو أن الغموض الحقيقي يحتم حل المشكلات، ومن ثم التواصل، على جميع مستويات المؤسسة في الحال. نموذجيا، يحدث الجزء الأكبر من نشاط حل المشكلات الذي يقوم به الأفراد في البيئات كلها، بما في ذلك البيئات المعقدة سريعة التطور ، على النطاق المحلي؛ أي في إطار فريق الزملاء المباشرين، لكن يتواصل ظهور المشكلات غير المعتادة على نحو مفاجئ دائم، وكما سبق وأوضح مثال شركة هوندا الذي تناولناه من قبل، تتطلب هذه المشكلات بحثا بعيدا عن إطارها للتوصل إلى المصادر والمعلومات وثيقة الصلة بها. غالبا ما لا يتجاوز البحث نطاق فريق آخر في القسم ذاته. مع ذلك، ومثلما حدث في مجموعة تويوتا، لا بد أن تمتد عمليات البحث في بعض الأحيان إلى ما هو أبعد من ذلك، متجاوزة الإدارة نفسها، والقسم نفسه، بل تصل إلى خارج الشركة أيضا، حيث يقل معدل تكرار البحث المطلوب مع تزايد نطاقها، لكنه لا يختفي تماما.

إن ما تشير إليه نتائجنا بالأساس هو أنه عندما تحتاج المؤسسات إلى معالجة المعلومات على العديد من مستويات المسافات في مرة واحدة، يجب أن تكون بنية الشبكة اللازمة لمعالجة الحمل متصلة على العديد من المستويات أيضا، ومع أن احتمالية تمتع فردين بمعلومات تتعلق بإنتاجيتهما تقل بانفصالهما في التسلسل الهرمي، يزيد عدد حالات الاعتماد الممكنة هذه، وكما هو الحال في الشبكات الاجتماعية بالضبط، يزيد عدد الأفراد البعيدين عنك في المؤسسات الكبيرة مقارنة بالقريبين منك، وتكون النتيجة مماثلة لملاحظة جون كلاينبرج في الفصل

الخامس ، وهي أن كميات كبيرة من المعلومات تتدفق بجميع مستويات التسلسل الهرمي المختلفة، ومن ثم تظهر الحاجة لقنوات التجاوز ليس فقط على مستوى الفرق المحلية (كما هو موضح في الشكل

9-4 )، أو على مستوى المؤسسة العام (كما هو موضح في الشكل

9-5 )، بل على جميع المستويات في آن واحد، لكن نظرا لأن التسلسل الهرمي يكثف بطبيعته معالجة المعلومات في مستوياته العليا، فإن توزيع الرسائل التي تمرر وتوزيع روابط التجاوز الناتجة لا يتساويان.

تبدو الصورة البديهية أشبه بالشكل

9-6 ، فبدلا من مركز واحد قوي الاتصال في القمة، أصبح لدينا الآن روابط تمتد بجميع أرجاء التسلسل الهرمي، لكن على عكس الفرق شديدة المحلية الموضحة في الشكل

صفحة غير معروفة