والتقبيح، أو ما يشبهه.
وقد ذهب بعضُ المشرّعين إِلى ما ذهبوا إِليه. ومأخذهم نقلةُّ، لقوله تعالى: ﴿لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون﴾. وفي مثل هذا السياق، إِنما يؤخرَّ الأشرفُ، كقولك، "لا يأبى الوزيُر خدمتي، ولا السلطانُ"، وقوله، ﴿قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنى ملك﴾.
واحتجّ ابنُ حزمٍ الظاهريّ على ذلك بقوله تعالى في بني آدم: ﴿وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾؛ وأجمعنا على تفضيلهم على مَن عدا الملائكة؛ فلم يبق إلاّ الملائكةُ. قلتُ: هذا إِنما يفيد أنّ بني آدم ليسوا أفضلَ من الملائكة. فإِذا انضمّ إِلى دلالة الآية قولُه سبحانه، فيما حُكي عنه في صحيح السنّة، "من ذكرني في نفسه، ذكرتُه في نفسي؛ ومن ذكرني في ملأٍ، ذكرته في ملأٍ خيرٍ منه"، يعني الملائكةَ، كمُلَن الدلالةُ، وثُبتَ المدَّعَى، وهو أنّ الملائكة أشرفُ من بني آدم.
[إِنكارهم كرامات الأولياء]
ومنها أنهم أنكروا كرامات الأولياء؛ لأنها إِنما تكون بخرق العادات، فتَبطُل خصائصُ الأنبياء ومعجزاتُهم، ويقع اللبسُ بين النبيّ والوليّ. والحقُّ ثبوتُ الكرامات. نعم، هل يجوز بلوغُ الكرامة حدَّ المعجِز في خرق العادة؟ على قولين. فإِن لم يُجز، ظهرَ الفرقُ بينهما، بقصور الكرامة عن المعجِز ضرورةً. وإِن جاز، فالفرق يَظهر من وجوهٍ.
أحدها: أنّ المعجِز مقرونٌ بالتحدّي، وهو طلبُ النبي المعارَضةَ تعجيزًا للناس؛ بخلاف الكرامة. فإن تحدَّى صاحبُ الكرامة بها مدّعيًا للنبوّة، لزم قطعًا أن يُعجِّزه اللهُ عن إِظهارها، أو يقيّض له معارِضًا يُبطلِها، صيانةً لخواصّ النبوّة عن الإِبطال. على أنّ عادة َ
1 / 109