نعم سيدي، أين يكمن هذا الضمير؟ لو تورمت قدماي ، لشعرت بذلك
لكني لا أشعر بوجود هذا الكيان المقدس داخل صدري
ولو قام عشرون ضميرا بيني وبين حكم ميلان
لذابت جميعها كما يذوب السكر في الماء!
يفتضح أمر أنطونيو ويعاقب عقوبة خفيفة بالطرد من الإمارة التي استولى عليها، لكننا لا نملك دليلا على انصلاح حاله. وبالطبع تعد فكرة أن يمتلك كل إنسان ضميرا فكرة نبيلة تنتج عن أمنية (بأن يمتلك كل إنسان ضميرا) يعبر عنها في صورة استنتاج (بأن كل إنسان لديه ضمير بالفعل). وبالطبع فإننا نتصرف بافتراض أن معظم الناس يمتلكون ضميرا، ومجرد الشك بأن أحد المجرمين يفتقر إلى الضمير يمكنه أن يزيد من قسوة الحكم عليه، بينما قد يؤدي أي دليل (مهما كان سطحيا) على وجود ضمير حي إلى الحث على التسامح.
لكننا عندما نفترض أن كل إنسان يمتلك ضميرا ونبني الأفعال والخيارات على أساس نصائحه، تظهر مشكلة أخرى. فإذا كان الضمير أمرا حسنا، وإذا كان الناس يلاقون التشجيع للعمل استجابة لتلقينه، فإلى أي مدى يجب أن نكن الاحترام لمسألة ما لأنها بنيت على أساس الضمير؟ وبوجه خاص، إلى أي مدى يجب أن نكن الاحترام لمسألة يؤيدها الضمير ويتصادف أننا نختلف معها؟
سوف يتنازل معظمنا بعض الشيء في القضايا التي يؤيدها الضمير، وأحد الاختبارات الكاشفة لقدرة المجتمع على هذا التسامح يقدمه رفض أداء الخدمة العسكرية بناء على أسباب متعلقة بالضمير. فقد اعتبر هذا الرفض، بلا ريب، جريمة أحيانا، لكن أيضا في كثير من الأحيان - حتى وسط آلام الحروب - ابتكرت الدول صورا للإعفاء أو الخدمة البديلة لمن يبدون اعتراضا فلسفيا أو دينيا دائما على إزهاق الأرواح البشرية.
ويمكن تتبع آثار الاعتراض على الحرب في الفكر المسيحي القديم (على الرغم من أنه سرعان ما تراجع أمام نظريات «الحرب العادلة» والحملات الصليبية الشرعية)، وأعيد إحياء القضية على يد القائلين بتجديد العماد والمينونايت والكويكريين في القرن السابع عشر. وقد خدم بعض الكويكريين القدامى في جيوش الكومنولث، لكن الصلة بين السلمية ومتطلبات الضمير قد ترسخت بالطبع عندما نظم الكويكريون أنفسهم منشئين جمعية الأصدقاء وأضفوا صفة رسمية على رفض الخدمة العسكرية بوصفها أحد معتقداتهم الأساسية. وقد ترك لنا أحد الكويكريين المعترضين الذي ضم إجباريا لسلاح البحرية في ستينيات القرن السابع عشر رواية عن ربان متعاطف معه تولى الدفاع عنه قائلا:
هذا الرجل أحد أفراد جماعة الكويكريين، ولأجل الضمير فهو يرفض العمل، ولذلك فأنا ... أتعهد أمام الله بألا أضرب أو أتسبب في ضرب أي من أفراد الكويكريين أو أي فرد آخر يرفض إطاعة الملك لأجل الضمير.
وثمة تأثيرات للكويكريين أيضا في أمريكا الشمالية، وخاصة في مناطق مثل بنسلفانيا ورود آيلاند حيث صدر قرار قصير الأجل لكنه معبر عام 1673 بإعفاء الرجال «المقتنعين في ضمائرهم بأنه لا يجوز لهم القتال بهدف إزهاق الأرواح» من أداء الخدمة العسكرية. وكانت المعارضة طبقا لإملاءات الضمير شائعة في حرب الاستقلال الأمريكية، حيث انقسمت الحركة إلى معسكرين سوف يستمران عبر القرون التالية: من قبلوا بالخدمة البديلة ومن أصروا على المقاومة غير المشروطة (ومعظمهم من الكويكريين). وبرزت المعارضة طبقا لإملاءات الضمير من جانب الكويكريين والمينونايت والإخوة والمجموعات الدينية الأخرى المتمردة أيضا في الحرب الأهلية الأمريكية. وقد اتبعت ولايات الاتحاد - ولاحقا الولايات الكونفيدرالية - شروط الانسحاب الخاصة بالاعتراض طبقا لما يمليه الضمير، ومن جانب الاتحاد وضعت شروط للخدمة البديلة في التمريض والرعاية الطبية في المستشفيات.
صفحة غير معروفة