وقوله : إنا نرى الإدراك الأول بإدراك آخر في غير محل ، فما بال الإدراك الثاني في غير محل دون الأول يلزمه في الأول ، والثاني أن يخلق إدراكا ثالثا في غير محل ، وللثالث رابعا وللرابع خامسا ، إلى ما لا منتهى له ولا غاية .
قال عبد الوهاب : ( فإن قيل ما استدللتم به في إثبات الرؤية ، فهو نفي الرؤية ، لأنا لم نجد شيئا مرئيا إلا في إحدى الجهات الست ، ولا يخلو أن يكون جنسا ، أو في مكان أو مقابلة ، لأنا لم نجد مرئيا إلا على هذه ، وقد قام الدليل على نفي هذه الجهات والأماكن عن الله تعالى ، إذ لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ، لأن هذه كلها مخلوقات ، ولن تصح لكم رؤية ) .
الجواب:
اعلم أن جميع ما حكاه عنا في هذا فصحيح بدليل حقيق .
قال عبد الوهاب : ( قيل له جائز أن يخلق الله لنا إدراكا في الآخرة ، غير هذا الإدراك الحال في أعيننا ، فندركه بالإدراك المخلوق فينا ، وليس من شروط هذا الإدراك أن يكون حالا في العينين ، وجائز أن يكون في القلب ، وفي غيره من أعضاء بني آدم ، فندركه تحقيقا من غير حد ولا كيفية ) .
الجواب :
اعلم أنه إن صح ما قال ، فقد أبطل الرؤية وأثبت معنى العلم الحال في القلب ، أو فيما أراد من الأعضاء .
فإن أبطل الحد واللون والجهة والمعاينة والمقابلة ، سوغنا ( 1) له غلطة في لفظ الرؤية .
صفحة ٧٥