الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

Abu Yacqub Warjalani ت. 570 هجري
62

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

تصانيف

وقد تقدم القول في الوعد والوعيد في أن كل واحد منهما مخصوص في ذاته بفنون المشيئة ، والوعيد مخصوص بالسلامة من الموبقات ، وإما إذا كانت فلا .

قال عبد الوهاب : ( فإن قال الأشعري : جميع ما استدللتم به فهو منتقض ، وما استدللتم به من العمومات فنعارضها بمثلها ، إذا سلمنا القول بالعموم ،كيف والقول بالعموم عندنا باطل ؟ إن العموم لا صيغة له عندنا ، وقد قال الله - عز وجل - : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) وهذا نص في موضع النزاع ) .

الجواب :

فجواب الأشعري : إن كل ما ادعيتم بمنتقض وأما معارضة العمومات بمثلها فلن يخفى على أحد قالوا ، ولن تنفعهم ولن تضرنا .

والأصل الذي اجتمعت عليه الأمة أن نجعل عام لكل عام ونقيضه نصيبا ، وأما إثباتها أو بطلانها فمحال ، فإن كان القول بالعموم باطلا ، فما حصل في يده شيء إلا الباطل ، وإن مال إلى الخصوص قابله خصوص مثله ، فالتوبة تحبط الشرك وجميع المعاصي ، وكذلك قوله : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) وقوله : ( ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) .

فإن قال قائل : هذا لمن تاب . وقلنا هذا لمن أصر . فإن ادعى المشيئة في الذنوب ادعينا التوبة فيها .

وقوله : ( خروج عن الظاهر بلا دليل خطأ ، وتعليق التوبة بالآية لم يوجد لا ظاهرا ولا مضمرا ) .

قلنا : بل وجدت ظاهرا ومضمرا . أما الظاهر فقوله تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب ) الآية .

والمضمر : أن التوبة حتم في إزاحة المعاصي وبطلان العقاب عن العاصي ، ولا توبة ولا رجوع يدل على إباحتها ، وليس لمغفرة المعاصي بالمشيئة لا بالتوبة طائل أشبه شيء بالإباحة .

وأما قوله : ( قبول التوبة حتم ) . فينتقض عليه بقوله : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات ) إلى قوله : ( الآن ) . ولو شاء لم يجعل للتوبة مخرجا وقال : من عصاني فلا أقبل له توبة . وكان جائزا .

صفحة ٧٢