وأما الصدق المقبول : فقد جمع الله له القلوب والنفوس على الإقرار بالصدق في الجاهلية والإسلام حتى سمي الأمين في الجاهلية فاعترفوا له بهذا الاسم بعد العداوة والبغضاء والشنآن وبذل الأموال في القدح فيه ، وأما الغيب المبذول : فأقله حكايته عن ربه ما وعده من النصر والتمكين وظهوره على جميع الدين فأتم الباري سبحانه جميع ذلك في حياته وأسعفه بعد فوته ، ولا يليق بالعليم الحكيم أن يحقق صدق الكاذب عليه ولاسيما بعد موته .
وأما الثلاث التي في كتابه فهي ظاهرة ضرورة قد تحدى بها في حياته فأعجز ، وأسعفه الباري سبحانه بعد موته فأنجز ، هو التأليف الذي أعجز به الخليقة وأظهره عليه بالحقيقة ، الثانية : تعريف أخبار القرون الذهوب : فجاءت على وفق أهلها ولن يقدر أحد أن يحيط علما بأخبار أقطار البلاد في زمانه فكيف بسائر الدنيا ، ولم يأخذ أحد عليه فيها بعد ما ملأ الدنيا أخبارا وأسرارا ولا خبر أعظم من إخباره عن أسرار أهل زمانه ، فأطبقوا على أصابته وليس من طبع الخليقة أن يسالموه ويطبقوا وقد وقفوا على كذبه وهم يبذلون الأموال على ذلك والنفوس ، وأما الثالثة : يجدد حلاوة في قواء ( 1 ) حبها لا يخلق بكثرة الرد ولا يكل ولا تعد بحوره في استخراج الفوائد منه والعلل ، ولا تخفه الأسماع ولا تنفر منه الطباع .
صفحة ٣٣