فولي عثمان بن عفان فافتتح ما وراء الدروب من الشام والماهان وأذربيجان وخرسان بعد الري وحلوان وأرض التبت وسجستان وأرض إفريقية ، وكانت الفتوح هكذا متوالية في أطراف الأرض مع تغير الولاة والخلفاء وفسادهم مقدار مائتي سنة .
آخر المائتي ظهر الأئمة الضالون المضلون فوزعوا أمة محمد - عليه السلام - ومع ذلك يصحبهم النصر والظفر ووصلوا القسطنطينية ورومة إلى أرض الصقالبة وراء خرسان وسمرقند وترمذ وبخارى وغزنة ، فجار الإسلام هذه النواحي كلها ومن ورائها إلى الصين وإلى الهند والسند والبر الكبير وبريطانية وغيرها ، فصار جميع ما ذكر في حمك الإسلام وأسلم أهلها ومن لم يسلم صار ذا ذمة ، وظهرت المساجد والجموع والجمع والجماعات والأذان ، ففي هذه الثلاث مائة الغالب على الدنيا الإسلام والخير كما قال أبو حمزة المختار بن عوف - رحمه الله - حين خطب أهل المدينة فقال : يا أيها الناس ، الناس منا ونحن منهم إلا عابد وثن أو ملكا جبارا أو شادا على عضديه ) فالغالب على الدنيا الإسلام . وظهرت الأئمة الضالة آخر المائتي سنة ، ولم تظهر أقاويلهم وأصحابهم إلا بعد مائة أخرى ، فجمهور الأمة على الحق إلا من بلغته البدعة فرضي بها وقليل ما هم عاد ، ودخول مذهب مالك المغرب عام تسعة وأربعين وخمسمائة عند دخول المتلثمين المغرب وظهور العرب ، وأما مصر فما ظهرت فيها الشيعة إلا عند الحاكم بن أبي تميم ، ودخول أبي تميم مصر اثنين وستين وثلاثمائة ، وهؤلاء المتأخرين هم الذين انتصروا للأئمة بعد ما مضى من عمرهم أعمار صالحة .
صفحة ١٨