غيري لأجعلنك من المسجونين (29)) [الشعراء : 29]. قال موسى عليه السلام توقيفا له ولهم (1) وتعريفا ، وتقريرا للحجة (2) عليهم وتعطيفا : ( أولو جئتك بشيء مبين (30) قال فأت به إن كنت من الصادقين (31) فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) (32) [الشعراء : 30 32].
وبمثل احتجاج إبراهيم صلى الله عليه وموسى عليه السلام على من ألحد وجحد وأشرك ، لم تزل رسل الله تحتج على من تحير في الله أو ارتاب أو شك ، وذلك (3) فبين والحمد لله فيما نزل من كتبه كثير (4)، وقولهم في الاحتجاج على من جحد أو ألحد أو أشرك فواضح منير ، لا يطفأ له سراج ، ولا يشبهه احتجاج ، ولا ينكره من الخلق كلهم رشيد ، ولا يأبى قبوله من الخلق إلا شيطان مريد.
وما لم يزل الله برحمته وفضله ، (5) يدل به من هذا ومثله ، في كتبه (6) وعلى ألسن رسله ، فكثير عن الذكر له والاستقصاء ، والتعديد والإحصاء ، في كتابنا هذا وأمثاله ، فنحمد الله على منه فيه وإفضاله ، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك بما بصر من المبصرين ، وفيما أمر بالفكر فيه من المفكرين.
اسمع يا بني (7): فقد سألت أرشدك الله للهدى ، وجعلك رشيدا مرشدا ، عن أولى ما سأل عنه سائل أراد لنفسه أو لغيره رشدا وهدى ، أو لمبطل كان فيما سألت عنه متحيرا أو ملحدا متمردا.
فجعلنا الله وإياك فيما سألت عنه ، من القائلين بما يرضى منه ، ووهبنا من البصائر بدلائله وآياته ، ما وهب للقائلين في ذلك من محبته ومرضاته ، فانه لن يصيب في ذلك
صفحة ٢٦٩