أو مدركا سبحانه بخلافه لكل محسوس الأشياء ومعقولها ، في جميع ما يدرك (1) من فروع الأشياء وأصولها.
وهذا الباب من خلافه سبحانه لأجزاء الأشياء كلها ، فيما يدرك (2) من فروع الأشياء جميعا وأصلها (3)، فما لا يوجد أبدا إلا بين الأشياء وبينه ، ولا يوصف بها أبدا غيره سبحانه. وهي الصفة (4) التي لا يشاركه عز وجل فيها مشارك ، ولا يملكها عليه تعالى مالك.
ولا يعم جميع (5) الأشياء ما يقع من الاختلاف ، فلن يوجد واقعا إلا بين ذوات الأوصاف. وكل واحد منها وإن خالف غيره في صفة فقد يوافقه في صفة أخرى ، كان مما يعقل أو كان مما يلمس أو يرى. فإن اختلف محسوسان في لون أو طعم ، اتفقا فيما لهما من حدود الجسم ، وإن اختلف معقولان في فعال أو همة ، اتفقا فيما يعقل من أصولهما المتوهمة. كالملائكة والإنس والشياطين التي أصولها في النفسانية واحدة متفقة ، وهممها وأفعالها مختلفة مفترقة.
فهمم الملائكة الاحسان والتسبيح ، وهمم الشياطين العصيان والقبيح ، وهمم أنفس الانس فمختلفة كاختلافها ، في قصدها وإسرافها ، فتحسن مرة وتبر ، وتسيء تارة وتشر (6).
وكل خلق من الملائكة والانس والشياطين فقد جعل الله له صفة متممة ذاتية ، بها
صفحة ١٩٧