فجعائل لا بد لها من جاعل ، وفعائل لا تقوم أبدا إلا بفاعل ، ولن يوجد جاعلها وفاعلها إلا الله سبحانه ذو الأسماء الحسنى ، البريء من مشابهة الجعائل والفعائل في كل معنى.
ومن أسباب العلم به ودلائله ، بعد الذي أبان من أثر التدبير في جعائله ، أوثق وثائق (1) الأسباب ، مما فطر عليه بنية الألباب ، من العلم البت (2)، واليقين المثبت ، الذي لا يعتري فيه بحقيقة شك ولا مرية ، ولا تعترض فيما جعل من بصائره شبهة معشية (3)، من أن لكل ما أحس أو عقل ، مما أثر سبحانه وجعل ، خلاقا (4) متيقن معلوم ، لا تدركه الحواس ولا الوهوم. يعقل ويعرف بخلاف ما عقلت به الأشياء وعرفت ، فتخالفه ويخالفها بغير ما به في نفسها اختلفت. فهذان أصلان (5) مجملان ، لمعرفة الله عز وجل ثابتان ، وشاهدان عدلان ، على العلم بالله باتان.
[وسائل المعرفة]
ولن يخلو العلم بالله ، والوصول إلى المعرفة بالله (6)، من أن يكون مدركا :
بمباشرة حس فيكون كمحسوس ،
أو يدرك بمباشرة (7) نفس فيكون كبعض ما يدرك من النفوس.
1 وجود المخلوقات المحكمة المتقنة التي لا بد لها من خالق.
2 أن خالقها يجب أن يختلف عنها وأن يعرف بخلاف ما به عرفت.
صفحة ١٩٥