category mistake
أو «نظم لغوي فاسد»
bad syntax ، حسبما تفضل من تعبير، ومن الجهة الأخرى تعد الأخلاق هي القانون الذي يحكم نطاق الأفعال البشرية، والفن فعل أو نشاط بشري، فهو من ثم خاضع للنقد الأخلاقي شأنه شأن غيره من الأفعال والأنشطة.
هذه مفارقة واضحة، حلها أن الفن، من حيث هو فعل بشري، مطالب تماما بتبرير نفسه، غير أن مقولات الأخلاق يجب ألا تدخل أرض الإستطيقا؛ إذ إن نطاق الإستطيقا نطاق محايد أخلاقيا أو «خامل أخلاقيا»
amoral ، ولا حكم فيه إلا لمقولة «الإستطيقي»، ولكن بمجرد أن نحكم على عمل بأنه «عمل فني» حقيقي، أي ذو قيمة إستطيقية، أي ذو شكل دال، نكون قد بررناه أخلاقيا أيضا؛ ذلك أن «الانفعال الإستطيقي» أو «الوجد» أو «النشوة»، هي «بحكم طبيعتها ذاتها»
ipso facto
حالة نفسية أو ذهنية خيرة؛ ومن ثم فإن كل ما هو «إستطيقي» هو خير أو وسيلة إلى الخير.
يعرف ذلك معظم الناس ويأتونه بالسليقة، فحتى أكثر الناس تعففا وترفعا عن الهذر واللغو لا يجدون في أنفسهم غضاضة ولا يستشعرون ذنبا في تلقي النكات الجريئة في السياق الحياتي المناسب؛ فالضحك البريء «خير» وجلاء لصدى القلوب، والنكتة البارعة بمثابة عمل فني ينطوي على حبكة متقنة ودلالة شكلية وأداء فني، فهي في ذاتها خير، ولا تصير شرا إلا إذا أريد بها غير ذلك، وغني عن القول أن النكتة السخيفة أو البذاءة المجانية ليست فنا ولا تؤدي إلى انفعال فني، وهي إذن شر لا شك فيه، وعمل لا أخلاقي دون جدال.
وفي تراثنا العربي إشارات كثيرة تدل على أن المتأدبين من السلف قد فطنوا إلى هذه الفروق الدقيقة، من ذلك ما ورد في كتاب «المختار من شعر بشار للخالديين». «... فمن تلك الأخبار ما روي عن أبي الهيثم خالد بن يزيد أنه قال: لما بويع لإبراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني وكان يعرفني، فأدخلت عليه فلما مثلت بين يديه وسلمت عليه أجلسني وقال: يا خالد أنشدني، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس شعري مما قال فيه رسول الله «إن من الشعر لحكما.» وإنما أعبث وأمزح به، فقال: يا خالد لا تقل هكذا فالعلم جد كله. وروي عنه أيضا أنه قال له: جد الأدب جد وهزله جد. وقال الأصمعي يوما في مجلسه: لا تحقرن شيئا قيل في جد أو هزل فربما نيل بهزل العلم ما لم ينل بجده ... وروي أن بعض التابعين سئل عن إنشاد الرفث في الشعر وقيل له إن قوما يقولون إنه لمما ينقض الوضوء ويفسد الصلاة، فنهض قائما وتوجه إلى القبلة ثم أنشد (شعرا على الرجز بذيئا ولكن جيدا) وأتبعه: الله أكبر، فصلى صلاة ثم استقبل السائلين، فناب لهم ما رأوا من فعله عن استدعاء المجاوبة عما سألوا عنه بقوله.»
2
صفحة غير معروفة