دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة
محقق
د. عبد المعطي قلعجي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى-١٤٠٨ هـ
سنة النشر
١٩٨٨ م
مكان النشر
دار الريان للتراث
الْمُطَّلِبِ: إِنَّمَا هَذِهِ السُّيُوفُ لِبَيْتِ اللهِ. فَحَفَرَ حَتَّى أَنْبَطَ [(٨٥)] الْمَاءَ، فَخَرَقَهَا فِي الْقَرَارِ، ثُمَّ بَحَّرَهَا حَتَّى لَا تُنْزَفَ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهَا حَوْضًا. فَطَفِقَ هُوَ وَابْنُهُ يَنْزِعَانِ، فَيَمْلَآنِ ذَلِكَ الْحَوْضَ، فَيَشْرَبُ مِنْهُ الْحَاجُّ، فَيَكْسِرَهُ أُنَاسٌ حَسَدَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِاللَّيْلِ، فَيُصْلِحُهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حِينَ يُصْبِحُ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا إِفْسَادَهُ [(٨٦)] دَعَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ رَبَّهُ، فَأُرِيَ فِي الْمَنَامِ، فَقِيلَ لَهُ: قُلِ: اللهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسِلٍ، وَلَكِنْ هِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبَلٌّ، ثُمَّ كُفِيتَهُمْ، فَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حِينَ اخْتَلَفَتْ قُرَيْشٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَادَى بِالَّذِي أُرِيَ، ثُمَّ انْصَرَفَ. فَلَمْ يَكُنْ يُفْسِدُ حَوْضَهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا رُمِيَ فِي جَسَدِهِ بِدَاءٍ، حَتَّى تَرَكُوا حَوْضَهُ وَسِقَايَتَهُ.
ثُمَّ تَزَوَّجَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ النِّسَاءَ، فَوُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ لَكَ نَحْرَ أَحَدِهِمْ، وَإِنِّي أُقْرِعُ بَيْنَهُمْ فَأَصِبْ بِذَلِكَ مَنْ شِئْتَ. فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عبد المطلب، وَكَانَ أَحَبَّ وَلَدِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: اللهُمَّ أَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ؟ ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِائَةِ، فَكَانَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، فَنَحَرَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مَكَانَ عَبْدِ اللهِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ أَحْسَنَ من رؤي فِي قُرَيْشٍ قَطُّ [(٨٧)]، فَخَرَجَ يَوْمًا عَلَى نِسَاءٍ مِنْ قُرَيْشٍ مُجْتَمِعَاتٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا نِسَاءَ قُرَيْشٍ، أَيَّتُكُنَّ تَتَزَوَّجُ هَذَا الْفَتَى فَتَصْطَادَ [(٨٨)] النُّورَ الَّذِي بَيْنَ عَيْنَيْهِ؟ وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورًا. قَالَ: فَتَزَوَّجَتْهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَجَامَعَهَا، فَحَمَلَتْ بِرَسُولِ اللهِ، ﷺ.
[(٨٥)] نبع.
[(٨٦)] في (هـ): «فساده» .
[(٨٧)] لفظ (قط) سقط من (ص) .
[(٨٨)] في (ح): «فيعاد» .
1 / 87