212

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

محقق

ياسين الأيوبي

الناشر

المكتبة العصرية

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

الدار النموذجية

تصانيف

فإن قلتَ إنما استحال في قولك: (جاءني زيدٌ وعمرو يُسرعُ أمامَه)، أن تَرُدَّ "يُسرع" إلى زيد وتُنْزِله منزلةَ قولك: (جاءني زيدٌ يُسرع) من حيث كان في "يُسرع" ضميرٌ لعمرو، وَتَضَمُّنُهُ ضميرَ "عمرو" يَمْنع أن يكون لزيدٍ وأن يقدَّرَ حالًا له؛ وليس كذلك "جاءني زيد وهو يسرع" لأنَّ السرعة هناك لزيدٍ لا محالة؛ فكيف ساغ أن تَقيس إحدى المسألتين على الأخرى؟ قيل: ليس المانعُ أن يكون "يُسرع" في قولك: (جاءني زيد وعمرو يسرع أمامه). حالًا من زيد أنه فعل لعمرو، فإنك لو أخَّرْتَ عمرًا فرفَعْتَه (بيُسرع) وأولَيْتَ "يُسرع" زيدًا فقلتَ: (جاءني زيدٌ يُسرع عمروا أَمامَه) وجدتَه قد صلُح حالًا لزيدٍ مع أنه فعْلٌ لعمرو، وإنما المانعُ ما عرَّفْتُكَ مِنْ أنك تدَعُ عَمرًا بمَضِيعةٍ، وتجيءُ به مبتدأً ثم لا تُعطيه خبرًا. ومما يدل على فساد ذلك أنه يؤدِّي إلى أن يكون "يُسرع" قد اجتمعَ في موضعه النصْبُ والرفعُ، وذلك أنَّ جعْلَه حالًا من زيد، يَقتضي أن يكون في موضع نَصْبٍ، وجَعْلَه خبرًا عن عمروٍ المرفوعِ بالابتداء، يقتضي أن يكون في موضع رفعٍ، وذلك بيِّنُ التدافعِ؛ ولا يجب هذا التدافعُ إذا أخَّرْتَ عمرًا فقلْتَ: (جاءني زيدٌ يسرعُ عمرو أمامَه). لأنك ترفعُه بـ "يسرع" على أنه فاعل له، وإذا ارتفع به لم يوجب في موضعه إعرابًا؛ فيقى مُفْرَغًا لأن يُقدَّرَ فيه النصْبُ على أنه حالٌ من زيدٍ، وجرى مجْرى أن تقول: (جاءني زيدٌ مسْرِعًا عمروٌ أَمامَه).

1 / 211