دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
24

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن الرسل غالبون منصورون، كقوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المائدة/ ٥]، وكقوله: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)﴾ [الصافات/ ١٧١ - ١٧٣]، وقوله تعالى: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [إبراهيم/ ١٣ - ١٤]. وبيَّن تعالى أن هذا النصر في دار الدنيا أيضًا، كما في هذه الآية الأخيرة، وكما في قوله: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ الآية [غافر/ ٥١]. والذي يظهر في الجواب عن هذا: أن الرسل قسمان: قسم أمروا بالقتال في سبيل اللَّه، وقسم أمروا بالصبر والكف عن الناس. فالذين أمروا بالقتال وعدهم اللَّه بالنصر والغلبة في الآيات المذكورة، والذين أمروا بالكف والصبر هم الذين قتلوا ليزيد اللَّه رفع درجاتهم العلية بقتلهم مظلومين. وهذا الجمع مفهوم من الآيات؛ لأن النصر والغلبة فيه الدلالة بالالتزام على جهاد ومقاتلة. ولا يرد على هذا الجمع قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ الآية [آل عمران/ ١٤٦]. أما على قراءة "قَاتلَ" بصيغة الماضي مِنْ فَاعلَ فالأمر واضح، وأما على قراءة "قُتِلَ" بالبناء للمفعول فنائب الفاعل قوله: "ربيون" لا ضمير "نبي"، وتطرُّقُ الاحتمال يرد الاستدلال.

1 / 28