169

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

في سورة الأنفال.
الوجه الثاني -هو ما رواه ابن جرير عن ابن عباس، واختاره ابن جرير: أن معنى قوله: ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)﴾ أي: إلا لِيُقِرُّوا لي بالعبودية طوعًا أو كرهًا؛ لأن المؤمن يطيع باختياره، والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبرًا عليه.
الوجه الثالث -ويظهر لي أنه هو الحق؛ لدلالة القرآن عليه-: أن الإرادة في قوله: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ إرادة كونية قدرية، والإرادة في قوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)﴾ إرادة شرعية دينية.
فبيَّن في قوله: ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ وقوله: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ أنه أراد بإرادته الكونية القدرية صيرورة قوم إلى السعادة، وآخرين إلى الشقاوة.
وبيَّن بقوله: ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)﴾ أنه يريد العبادة بإرادته الشرعية الدينية من الجن والإنس، فيوفق من شاء بإرادته الكونية فيعبده، ويخذل من شاء فيمتنع من العبادة.
ووجه دلالة القرآن على هذا: أنه تعالى بيّنه بقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [النساء/ ٦٤]، فعمَّم الإرادة الشرعية بقوله: ﴿إِلَّا لِيُطَاعَ﴾، وبيَّن التخصيص في الطاعة بالإرادة الكونية بقوله: ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، فالدعوة عامة والتوفيق خاص.
وتحقيق النسبة بين الإرادة الكونية القدرية والإرادة الشرعية

1 / 173