دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
فقوله: ﴿خَيْرًا﴾ نكرة في سياق الشرط، فهي تعم، فلو كان فيهم خيرًا ما في وقتٍ ما لعلمه اللَّه.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام/ ٢٨]، وعَوْدُهم بعد معاينة العذاب لا يستغرب بعده عَوْدُهم بعد مباشرة العذاب؛ لأن رؤية العذاب عيانًا كالوقوع فيه، لا سيما وقد قال تعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)﴾ [ق/ ٢٢]، وقال: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾ الآية [مريم/ ٣٨].
وعذاب الكفار للإهانة والانتقام لا للتطهير والتمحيص، كما أشار تعالى بقوله: ﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ [البقرة/ ١٧٤]، وبقوله: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)﴾ [آل عمران/ ١٧٨]. والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ الآية [الأنعام/ ١٤٨].
هذا الكلام الذي قالوه -بالنظر إلى ذاته- كلامٌ صدقٌ لا شك فيه؛ لأن اللَّه لو شاء لم يشركوا به شيئًا، ولم يحرموا شيئًا مما لم يحرمه كالبحائر والسوائب.
وقد قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام/ ١٠٧]، وقال: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ [السجدة/ ١٣]، وقال: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ [الأنعام/ ٣٥].
وإذا كان هذا الكلام الذي قاله الكفار حقًّا فما وجه تكذيبه تعالى لهم بقوله: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ
1 / 139