دفع شبه من شبه وتمرد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
مكان النشر
مصر
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد والصحيح إباحته وجواز القصر فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ياتي قباء ماشيا وراكبا وكان يزور القبور وقال زورها تذكركم الآخرة وأما قوله لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فيحمل على نفي الفضيلة لا على التحريم وليس الفضيلة شرطا في إباحة القصر ولا يضر إنتفاؤها انتهي وفيه من الفوائد أنه صرح بأن الصحيح أن ذلك في نفي الفضيلة وأن المنع إنما نسبه إلى إبن عقيل فقط فأين قول إبن تيمية وطوائف كثيرون من العلماء المتقدمين وإبن قدامة واسع الباع في الإطلاع فكيف يقتصر على إبن عقيل وحده ويترك طوائف كثيرة من العلماء المتقدمين وهذه كتب الحنابلة وغيرها مشهورة فإين النقل فيها عن المتقدمين وهذا مما يعرفك ان إبن تيمية يكذب في الإجماع ومن تتبع ذلك وجده صحيحا وينقل في بعض الأحيان شيئا وهو كذب محقق وإذا نقل كلام الغير لم ينقله على وجهه وإن نقله على وجهه دس فيه ما ليس من كلام ذلك المنقول فأعلم ذلك وتنبه له وأحذر تقليده تهلك كما هلك وقول غبن عقيل لا يباح الترخيص لزيارة القبور لأنه منهي عن السفر إليها لم يصرح بقبور الأنبياء ولا بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعلم مراده وعلى تقدير إرادته ذلك فهو مخطيء وضعيف الإدراك في الإستدلال ألا تراه اعتمد على الحديث وما إبن عقيل وسيأتي إن شاء الله تعالى أن الحديث لا دليل فيه إلا عند عوام الفقهاء وأن من تمسك به فقد تمسك بما لا يفيد ولا بد من ذكر ألفاظ الحديث لتتم الفائدة وقد ورد بألفاظ مختلفة أشهرها لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى واللفظ الثاني تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد من غير لفظ الحصر اللفظ الثالث إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد مسجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيلياء وإيلياء بيت المقدس وهذه الروايات ذكرها مسلم في فضل المدينة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وذكر قبل ذلك في سفر المرأة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى وهذا بصيغة النهي والثلاثة الأول بصيغة الخبر
وبصيغة النهي رواه الطبراني من حديث إبن عمر رضي الله عنهما لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد إبراهيم ومسجد محمد ومسجد بيت المقدس وهذا اللفظ رواه إبن راهويه في مسنده من حديث أبي سعيد رضي الله عنه
هذا ما يتعلق بلفظ الحديث وأما ما يتعلق بمعناه وما يدل عليه فأعلم أن الإستثناء في الحديث مفرغ كما هو واضح ولا بد فيه من تقدير وهو شيئان
أحدهما لا تشدوا الرحال إلى مسجد إلا إلى المساجد الثلاث وعلى هذا فلا حجة للخصم فيه والتقدير
الثاني لا تشدوا الحرال إلى مكان إلا إلى المساجد الثلاث ولا بد من تقدير أحد هذين ليكون المستثنى مندرجا تحت المستثنى منه
صفحة ١٠٠