دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
9

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

الناشر

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

مكان النشر

توزيع

تصانيف

فأَصْمَمْتُ عَمْرًا وَأَعْمَيْتُهُ ... عَنِ الْجُودِ وَالْفَخْرِ يَوْمَ الْفَخَّارِ وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ. قَالَ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ: وَإِنَّ كَلَامَ الْمَرْءِ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ ... لَكَالنَّبْلِ تَهْوِي لَيْسَ فِيهَا نِصَالُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ النَّارَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ؛ بِدَلِيلِ أَلِ الْعَهْدِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ «التَّحْرِيمِ»: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [٦٦ \ ٦] . فَتَنْكِيرُ النَّارِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ مِنْ صِفَاتِهَا كَوْنَ النَّاسِ وَالْحِجَارَةِ وَقُودًا لَهَا فَنَزَلَتْ آيَةُ «التَّحْرِيمِ» فَعَرَفُوا مِنْهَا ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ النَّارِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ نَزَلَتْ آيَةُ «الْبَقَرَةِ»، فَعُرِّفَتْ فِيهَا النَّارُ بِأَلِ الْعَهْدِيَّةِ لِأَنَّهَا مَعْهُودَةٌ عِنْدَهُمْ فِي آيَةِ «التَّحْرِيمِ» . ذَكَرَ هَذَا الْجَمْعَ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا، وَزَعَمَا أَنَّ آيَةَ «التَّحْرِيمِ» نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَظَاهِرُ الْقُرْءَانِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ لِأَنَّ تَعْرِيفَ النَّارِ هُنَا بِأَلِ الْعَهْدِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى عَهْدٍ سَابِقٍ، وَالْمَوْصُولُ وَصِلَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى الْعَهْدِ وَعَدَمِ قَصْدِ الْجِنْسِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ سُورَةَ «التَّحْرِيمِ» مَدَنِيَّةٌ، وَأَنَّ الظَّاهِرَ نُزُولُهَا بَعْدَ «الْبَقَرَةِ» . كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِجَوَازِ كَوْنِ الْآيَةِ مَكِّيَّةً فِي سُورَةٍ مَدَنِيَّةٍ كَالْعَكْسِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ بِدَلِيلِ لَفْظَةِ: «ثُمَّ»

1 / 11