دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
89

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

الناشر

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

مكان النشر

توزيع

تصانيف

لِلنَّاسِ الْآيَةَ [٣٤ ٢٨] . وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ حَوْلَهَا شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْأَرْضِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنْ حَوْلَهَا لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا الْقَرِيبَ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ حَرَّمَهَا اللَّهُ كَجَزِيرَةِ الْعَرَبِ مَثَلًا، فَإِنَّ الْآيَاتِ الْأُخَرَ نَصَّتْ عَلَى الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ: لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا. وَذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَبُو ثَوْرٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَاضِحًا بِأَدِلَّتِهِ فِي سُورَةِ «الْمَائِدَةِ» . فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَقَوْلِهِ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [٢٦ \ ٢١٤]، فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إِنْذَارِ غَيْرِهِمْ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ [٦ ١٤١]، أَثْبَتَ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ التَّشَابُهَ لِلزَّيْتُونِ وَالرُّمَّانِ وَنَفَاهُ عَنْهُمَا. وَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ قَتَادَةُ ﵀ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى مُتَشَابِهًا وَرَقُهَا مُخْتَلِفًا طَعْمُهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُوهِمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُرَى بِالْأَبْصَارِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرَى بِالْأَبْصَارِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [٧٥ \ ٢٢ - ٢٣]، وَكَقَوْلِهِ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [١٠ \ ٢٦]، فَالْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [٥٠ \ ٣٥]، عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [٨٣ \ ١٥]، يُفْهَمُ مِنْ دَلِيلِ خِطَابِهِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسُوا

1 / 91