دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
11

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

الناشر

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

مكان النشر

توزيع

تصانيف

الْوُجُودِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي التَّقْدِيرَ خَلْقًا وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ: وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْـ ... ضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخَلْقِ التَّقْدِيرُ، أَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ «فُصِّلَتْ» حَيْثُ قَالَ: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا [٤١ \ ١١]، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ الْآيَةَ [٤١ \ ١١] . الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ، وَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَا فِيهَا كَانَ كُلُّ مَا فِيهَا كَأَنَّهُ خَلْقٌ بِالْفِعْلِ لِوُجُودِ أَصْلِهِ فِعْلًا، وَالدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْأَصْلِ يُمْكِنُ بِهِ إِطْلَاقُ الْخَلْقِ عَلَى الْفَرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا بِالْفِعْلِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ [٧ \ ١١] . قَوْلُهُ: خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ بِخَلْقِنَا وَتَصْوِيرِنَا لِأَبِيكُمْ آدَمَ الَّذِي هُوَ أَصْلُكُمْ. وَجَمَعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [٧٩]، أَيْ مَعَ ذَلِكَ، فَلَفْظَةُ «بَعْدَ» بِمَعْنَى مَعَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [٦٨ \ ١٣] . وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ، وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا الْقَوْلِ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ، وَبِهَا قَرَأَ مُجَاهِدٌ: «وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا»، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَوْجُهٍ ضَعِيفَةٍ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنْ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ الْأَرْضِ، وَهُوَ خِلَافُ التَّحْقِيقِ مِنْهَا أَنَّ «ثُمَّ» بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ [٩٠ \ ١٧] . قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ الْآيَةَ. أَفْرَدَ هُنَا تَعَالَى لَفْظَ «السَّمَاءِ»، وَرَدَّ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، فِي

1 / 13