42

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط عطاءات العلم

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)﴾ [النساء/ ١٤٩].
الوجه الثاني: أن الانتقام له موضع يحسن فيه، والعفو له موضع كذلك؛ وإيضاحه: أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة اللَّه، ألا ترى أن من غصبت منه جاريته -مثلًا- إذا كان الغاصب يزني بها فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعفٌ وخَوَرٌ تنتهك به حرمات اللَّه، فالانتقام في مثل هذا واجب، وعليه يحمل الأمر في قوله ﴿فَاعْتَدُوا﴾ هو الآية.
أي: كما إذا بدأ الكفار بالقتال فقتالهم واجب، بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه المسلمين بكلام قبيح ونحو ذلك، فعفوه أحسن وأفضل، وقد قال أبو الطيب المتنبي:
إذا قيل حِلْمًا قال للحِلْم موضعٌ ... وحِلْمُ الفتى في غير موضعه جهلُ
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [البقرة: ٢١٧].
هذه الآية الكريمة تدل على أن الردة لا تحبط العمل إلا بقيد الموت على الكفر، بدليل قوله: ﴿فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ﴾ [البقرة/ ٢١٧].
وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الردة تحبط العمل مطلقًا ولو رجع إلى الإسلام، فكل ما عمل قبل الردة أحبطته الردة، كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ الآية [المائدة/ ٥]،

1 / 46