أهملوا إعمال الفكر؛ فاستعصت عليهم الحقائق ،واستحكم فيهم الهوى فطلبوا إرضاءنفوسهم ، وتركوها هائمة (2) فاستبهمت (3) سبيل الهدى ؛ فأصبحوا عقبة وعثرة (4) أمام التقدم القومي والحياة العلمية والعملية ، فكلما أحسوا بانتعاش الأفكار ن أونهوض في مضمار المنافسه ، أو حركة في ميادين الاقتصاد ، أو ركوب الأخطار للارتقاء إلى أوج (5) الشرف ، ملاوا الفضاء لجبا (6) والأرجاء صخبا(7) ، ونادوا بالويل واستهولوا الامر ، وذهبت أفكارهم طرائق قددا (8) ذلك لأنهم اعتادوا الخمول (9) وألفوا الذل والصغار والذبول (10)، وشبوا وشابوا على الجهل بأسباب الحياة وأحوال الامم وماضي التاريخ، فحسبوا أن كل ما يخالف مألوفهم فهو فساد يطرأ على مستواهم (11)، وخلل في الاعتقاد وسبب في خراب البلاد على أنهم لاينفكون في الغالب يفصمون (12) عرى الأمة وينقضون (13) ما أبرمه الراسخون ومن أوتوا الحكمة ، مما يصلح الهيئة الاجتماعية وتحسن به عاقبة الأمة وينتظم به شملها فيا للعجب من هؤلاء يتدخلون فيما لا يعرفون له كنها (14)
ولا يستطيعون له تحملا، ويفتاتون على كل عمل بمجرد دعوى الزعامة ، ظانين أنها مقدسة ولو بدون التأهيل والاستعداد عرفانا وأخلاقا ، ويتحكمون في نوازل بأحكام
(1)أنواع (2) متحيرة (3) اشتبه عليها بحيث لا تهتدي إليه من شدة التحير ( 4) كبوة
(5) العلو أو الأعلى (6) الجلبة والصياح والأرجاء الناحية (7) كثرة الأصوات
(8) طرائق جمع طريقة والقدد بالكسر القطع (9) الستر الصغار والحقارة
(10) ذبل البقل ذوى (11) وسطهم (12) يقطعون (13) النقض ضد الإبرام
صفحة ٢