ويقول في حيرته الذاهلة: خذي.
ويخرج من جيبه جنيها: خذي هذا وامشي أنت، نعم اتركي العربة.
وتنزل نعمات إلى الطريق تبحث عن عربة، وينظر زين العابدين إلى السائق يقول له في استجداء آمر: انتظر أنت.
ويقصد إلى آمال جالسة مع شاب في المقعد الخلفي من سيارة مكشوفة غير عابئ بناهد في السيارة نفسها. وفي ثورة مكبوتة، يضع يده على ذراع بنته التي كانت مسترخية على جانب السيارة. وكأنما وجدت ثورته انفجارتها في تشبثها بذراع ابنته، ولم يقل شيئا إلا: قومي.
وانتفضت آمال. - بابا!
وقال مرة أخرى في نفس الثورة: قومي.
وفي لحظة كان ركاب السيارة منتثرين حولها، وكانت آمال مجرجرة إلى العربة المنتظرة وسارت العربة.
وقال زين العابدين للسائق: إلى محطة مصر.
وانتظر القطار ساعة ونصف الساعة لم يقل كلمة واحدة، بل حتى لم يعد يفكر، إنما كل ما سيطر على ذهنه أنه يريد أن يذهب إلى بيته في قرية الحمدية، ولا شيء آخر.
وحين حل الموعد انتزع ابنته الصامتة بدموعها التي تنثال على وجنتيها وركبا، وسار القطار.
صفحة غير معروفة