سيرانو دي برجراك

عباس حافظ ت. 1378 هجري
77

سيرانو دي برجراك

تصانيف

المركيز (يضحك حتى يكاد يستلقي) :

ماذا تعنى؟

سيرانو (هادئا كالصخرة الصماء) :

أهذا ما عندك؟

المركيز :

ولكن ...

سيرانو (غاضبا) :

أيها الشاب الغر، أراك أوجزت وقصرت فيما وصفت، والموصوف مديد مستطيل، لقد كان يصح أن تقول في وصفه الشيء الكثير وتعدد، ويطول بك نفس الكلام ويمتد، ولا يعوزك في أفانين القول وضروبه إلا التنويع في لهجته وأسلوبه، فأما وقد عجزت، ولم تنصف أنفي بل ظلمت، فاسمع فنونا من القول فيه: فإن أردت لهجة المهاجم المتحدي، قلت: «لو أن لي أنفا كأنفك يا سيدي لبترته من ميدان وجهي واستأصلته»، وإن شئت لهجة الصديق قلت: «إن أنفك يا سيدي ينغمس في كأس شرابك، فخير لك أن تصنع له وعاء خاصا»، وإن أردت مجرد الوصف قلت: «ليس هذا بأنف، إنه لصخرة ناتئة من جبل، أو قلة قائمة فوق طود، أو رأس مشرف على بحر، لا والله، بل إنه في الحق أدنى إلى شبه جزيرة شبها»، أما إذا قصدت العجب واستغربت، فإنك قائل: لعمر الله ما أولى بهذا العقاص المستطيل الأجوف أن يروح للمقص جرابا، وأن يكون للخنجر غمدا، أو ما بالك يا سيدي لا تتخذ منه دواة ليكون للمداد مددا، وإذا أنت أردت الإشادة بالفضل، وإبراز المحامد، قلت: «أحسبك على الطير مشفقا، وعلى العصافير حانيا، فجعلت لها من أنفك الطويل مأوى لها، تقع عليه لتسكن، وإذا قصدت إلى الجفوة، ورمت قولا عنيفا، فما أراك إلا قائلا: «إذا دخنت لفائف تبغك، فخرجت ذوائب الدخان منبعثة من هذه الماسورة التي في وجهك، أفلا يتصايح الجيران: «لقد شب في المدخنة حريق!!» وفي مقام التنبيه والتحذير، يصح لك أن تقول: «أخشى عليك يا سيدي أن ينقلب رأسك في الهوة إلى أسفل، وترتفع قدماك، إذا أنت أطرقت برأسك وفيه هذا الثقل، الذي يختل به توازنك.

وفي مجال التحبب والعطف، جاز لك أن تقول: ألا من مظلة صغيرة نقيمها من فوق أنفك، خشية على لونه الزاهي من شعاع الشمس أن تنطفئ، ومخافة على أديمه البراق أن تتصل، وحين تريد التباهي بالعلم الواسع، وادعاء المعرفة والاصطلاح تنشئ تقول: «أكبر الظن أن الحيوان الذي أطلق عليه (أرستوفانيس)

3

صفحة غير معروفة