[سورة الأنفال (8): آية 8]
ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون (8)
(ليحق الحق) أي ليثبت الإسلام (ويبطل الباطل) أي ويمحق الكفر (ولو كره المجرمون) [8] أي مشركو مكة.
[سورة الأنفال (8): آية 9]
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين (9)
قوله (إذ تستغيثون) نصب بمحذوف، أي اذكروا وقت استغاثتكم (ربكم) حين رأيتم العدو في قتال بدر ألفا وأنتم ثلثمائة، فطلبتم الغوث وهو النصر عليه قائلين: اللهم أغثنا يا غياث المستغيثين، وقال نبيكم: «اللهم أنجز لي ما وعدتني مادا يديه مستقبل القبلة، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» «1» (فاستجاب) أي أجاب (لكم) ربكم دعاءكم (أني) بالفتح، أي بأني (ممدكم) أي معينكم وزائد في مددكم (بألف من الملائكة مردفين) [9] بكسر الدال اسم فاعل من أردفته إياه إذا أتبعته إياه، وكان ألف من الملائكة متبعين أنفسهم غيرهم منهم، وبفتح الدال «2» اسم مفعول منه أيضا، أي أتبعهم غيرهم بملائكة آخرين، قيل: نزل جبرائيل بخمسمائة ملك على الميمنة، فيها أبو بكر، ونزل ميكائيل بخمسمائة ملك على الميسرة، فيها على بن أبي طالب في صورة الرجال عليهم ثياب بيض قد أرخوا أذنابها بين أكتافهم، فقاتلت مع المؤمنين الأعداء يوم بدر دون يوم حنين ويوم الأحزاب «3».
[سورة الأنفال (8): آية 10]
وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم (10)
(وما جعله الله) أي ولم يجعل الإمداد بالملائكة (إلا بشرى) أي للبشارة لكم بالنصرة والظفر (ولتطمئن به) أي بالإمداد (قلوبكم) فلا تجزعوا لقلتكم وكثرة عدوكم (وما النصر إلا من عند الله) لا بكثرة العدد والعدد (إن الله عزيز) أي غالب على كل شيء بالنقمة (حكيم) [10] حيث هزم المشركين ونصر المسلمين باقتضاء حكمته.
[سورة الأنفال (8): آية 11]
إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام (11)
قوله (إذ يغشيكم) من التفعيل ومن الإفعال معلوما، وما بعده مفعول له، بدل من «إذ تستغيثون» أو نصب بمقدر، أي اذكروا وقت تغشية الله، وهي إلقاؤه النوم عليكم، وقرئ يغشاكم معلوما «4»، فاعله (النعاس) من غشية النعاس، أي أخذه النوم (أمنة منه) أي للأمن من الله، فنصبه مفعول له و«منه» صفته، أي أمنة حاصلة لكم من الله، ويجب أن يكون فاعل الفعل المعلل والعلة واحدا «5»، وليس كذلك هنا، ولكن لما كان معنى «يغشيكم النعاس» تنعسون صح كون «أمنة» مفعولا له، وفي غير هذه القراءة «الأمنة» بمعنى الإيمان، أي ينعسكم الله إيمانا منه، قيل: «النعاس في الحرب أمنة من الله، وفي الصلوة وسوسة من الشيطان» «6»، وكان أصحاب رسول الله نازلين على كثيب أعفر، وهو رمل أحمر، تدخل وتغيب فيه الأقدام وأجنب بعضهم تلك الليلة، وعطشوا لفقد الماء فوسوس لهم الشيطان بأنكم لو كنتم على الحق لما كنتم كذا وكان المشركون
صفحة ١٠٦