فقال النبي عليه السلام: «يا رب كيف والغضب»، فنزل قوله «1» (وإما ينزغنك) أي يوسوسك فيما أمرت به لتعمل على خلافه، وأصل النزغ أدنى حركة خفية في القلب (من الشيطان نزغ) أي وسوسة ما، وهو مصدر بمعنى النازغ كرجل عدل (فاستعذ بالله) أي ولا تطع الشيطان (إنه) أي إن الله (سميع) لدعائك بالاستعاذة (عليم) [200] بنيتك وبوسوسة الشيطان.
[سورة الأعراف (7): آية 201]
إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (201)
(إن الذين اتقوا) الذنب لخوف عقاب الله (إذا مسهم) أي أصابهم (طائف) أي ما يطوف حول الشيء وهو ذنب ينزل على صاحبه بوسوسة (من الشيطان) أي من جنسه ، وقرئ «طيف» بالتخفيف من طيف أو مصدر، من طاف طيفا و«طيف» بالتشديد «2» بمعنى الطائف، أي لمة من الشيطان وهي معصية نازلة منه بسبب إغرائه عليها (تذكروا) ما أمرهم الله به ونهاهم عنه، فاستغفروا الله من خطئهم واستعانوا (فإذا هم مبصرون) [201] أي فاذا جاءتهم بصيرة من الله فابصروا السداد والصواب ودفعوا ما وسوس به إليهم ولم يتبعوه «3» أنفسهم.
[سورة الأعراف (7): آية 202]
وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون (202)
(وإخوانهم) مبتدأ، أي الشياطين من إخوان الذين ليسوا بمتقين وهم الجاهلون، فالضمير ل «هم»، والخبر (يمدونهم) أي يكونون مددا لهم ويعاونونهم، وقرئ معلوما «4» من الإمداد والمد، ومعناهما الزيادة، أي يزيدونهم (في الغي) أي في الضلال، ويجوز أن يراد بال «إخوان» الجهال، وبالضمير الشياطين، فيكون الخبر جاريا على غير ما هو له، وهذا أوجه، لان إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا، المعنى: أن الشياطين يزيدون الكافرين ضلالا (ثم لا يقصرون) [202] أي لا يمتنعون عن إغوائهم أو الجاهلون لا يقصرون في عمل السيئات، أي يصرون ولا يرجعون بالتوبة.
[سورة الأعراف (7): آية 203]
وإذا لم تأتهم بآية قالوا لو لا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203)
قوله (وإذا لم تأتهم بآية) نزل حين سأل أهل مكة النبي عليه السلام شيئا من العلامات على صدقه وأبطأ عليه جبرائيل، فقالوا: لم لا يقول من تلقاء نفسه؟ فقال تعالى إذا لم تجئهم يا محمد بآية من الآيات المقترحة لهم «5» (قالوا لو لا اجتبيتها) أي هلا جمعتها «6» واختلقتها من تلقاء نفسك وغرضهم أن تكذب لأجلهم (قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) وليس بمفتعل للآيات من عندي (هذا) أي القرآن (بصائر) أي حجج واضحة (من ربكم) يصير من آمن بها بصيرا بعد كونه أعمى، يعني آياته بمنزلة بصائر القلوب (وهدى ورحمة) أي سبب هداية من الصلالة، وسبب أمان من العذاب (لقوم يؤمنون) [203] أي يصدقون بالقرآن ويعملون به.
[سورة الأعراف (7): آية 204]
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204)
قوله (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا) نزل حين كانوا يتكلمون في الصلوة نهيا للتكلم فيها ثم صار سنة في غير الصلوة أن يسكت القوم في مجلس يقرأ فيه القرآن «7»، وقيل: «معناه إذا قرأ عليكم الرسول القرآن عند
صفحة ١٠١