أقول: الجيم الأولى إشارة إلى أنه البحر الثالث، والجيم الثانية إشارة إلى أن له ثلاث أعاريض، والواو إشارة إلى أن له ستة أضرب. العروض الأولى مخبونة ولها ضربان: الأول مثلها، وإنما لم يستعملا تامين لئلا يتوهم أنه قد نقص منهما، لما مر من أن فاعلن لم يأت أصليًا في عروض ولا ضرب، فلو جاءا تامين لتوهم أن أصله حينئذ أكثر من ثمانية وأربعين حرفا ولا نظير لذلك. وقيل لاعتماد ألف فاعلن على وتد بعدي، ولا ينهض هذا علة، فإن الاعتماد في ذلك مجوزٌ لا موجبٌ، وبيته:
يا حار لا أُرمين منكم بداهيةٍ ... لم يلقها سوقةٌ قبلي ولا ملكُ
فقوله «هيتن» هو العروض، وقوله «ملكو» هو الضرب، وكل منهما وزنه فعلن بتحريك العين. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «يا حار» . الضرب الثاني مقطوع وبيته:
قد أشهدُ الغارة الشعواء تحملني ... جرداء معروقة الّلحيين سر حوب
فقوله «مِلني» هو العروض، وقوله «حوبو» هو الضرب، ووزنه فعلن بإسكان العين. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «شعواء» . العروض الثانية مجزوءة صحيحة، ولها ثلاثة أضرب، الأول مذال، وبيته:
إنا ذممنا على ما خيّلتْ ... سعد بن زيدٍ وعمرًا من تميم
فقوله «ما خيات» هو العروض، ووزنه مستفعلن، وقوله من تميم هو الضرب ووزنه مستفعلان. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «خيلت» . الضرب الثاني مثل العروض صحيح وبيته:
ماذا وقوفي على ربعٍ خلا ... مخلولقٍ دارسٍ مستعجمِ
فقوله «ربع خلا» هو العروض وقوله مستعجمي هو الضرب، ووزن كل منهما مستفعلن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «وقوفي» . الضرب الثالث مقطوع وبيته:
سيروا معًا إنما ميعادكمْ ... يوم الثلاثاء بطن الوادي
فقوله «ميعادكم» هو العروض وقوله «نُلو ادى» هو الضرب، ووزنه مفعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «فسيروا» . العروض الثاثلة مجزوءة مقطوعة لها ضرب واحد مثلها وبيته:
ماهيّج الشوق من أطلالٍ ... أضحت قفارًا كوحي الواحي
فقوله «أطلالن» هو العروض وقوله «يلواحي» هو الضرب، ووزن كل منهما مفعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «هيج» . وقد علمت أنّا أسلفنا أن قول أهل هذا الفن عروضٌ مجزوءة وضرب مجزوء فيه تسامحٌ من حيث أن الجزء صفة للبيت، لأنه عبارة عن إيقاط الجزء الأخير من صدره والجزء الأخير من عجزه وليس صفةً للجزء، لكن جرينا على سنن القوم. من حيث أن الجزء صفة للبيت، لأنه عبارة عن إيقاط الجزء الأخير من صدره والجزء الأخير من عجزه وليس صفةً للجزء، لكن جرينا على سنن القوم. من حيث أن الجزء صفة للبيت، لأنه عبارة عن إيقاط الجزء الأخير من صدره والجزء الأخير من عجزه وليس صفةً للجزء، لكن جرينا على سنن القوم. ويدخل هذا البحر من الزحاف الخبن في الخماسي والسباعي وهو حسن فيهما. قلت: هكذا قالوا، ويظهر لي أن الخبن في السباعي إنما هو حسن في أول الصدر وأول العجز، فليعتبره ذو الطبع السليم. ويدخله أيضًا من الزحاف الطي في السباعي وهو صالح فيه، والخبل وهو قبيح فيه. فبيت الخبن:
لقد مضتْ حقبٌ صروفها عجبٌ ... فأحثت عبرًا وأبدلتْ دولا
أجزاؤه كلها مخبونة. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «حقب» لكنه سكن القاف للضرورة، وهي ضرورة قبيحة. وبيت الطي:
ارتحلوا غدوةً وانطلقوا سحرًا ... في زمرٍ منهم يتبعها زمرُ
أجزاؤه السباعية كلها مطوية. وإلى هذا الشاهد أشار بالارتحال المشار به إلى «ارتحلوا» . وبيت الخبل:
وزعموا أنهم لقيهمْ رجلٌ ... فأخذوا ماله وضربوا عنقه
أجزؤه السباعية كلها مخبولة. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «لقيهم» وسكن الياء للضرورة. واعلم أن هذا الزحاف جميعه يدخل في الضرب المذيل، والخبن يدخل في الضرب والمقطوع وفي العروض المقطوعة وضربها. فبيت الخبن في الضرب المذيل:
قد جاءكم أنكم يومًا إذا ... ما ذقتم الموت سوف تبعثونْ
فقوله «فتبعثون» هو الضرب، ووزنه مفاعلانْ. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «فذقتم» . وبيت الطي فيه:
يا صاح قد أخفلت أسماء ما ... كانت تمنيك من حُسن وصالْ
فقوله «حسن وصال» هو الضرب وزنه مفتعلانْ. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله «أصاح» . وبيت الخبل فيه:
1 / 55