وقولنا (بوزن عربي) يشمل ما كان من نظم العرب أنفسهم وما كان منظومًا من كلام المحدثين على طريقتهم، وهو مخرج لما خالف أساليب أوزانهم، ومثل ذلك بعض المتأخرين بقول البها زهير كاتب الملك الصالح حيث قال:
يامنْ لعبتْ به شَمُولٌ ... ما ألطفض هذه الشمائلْ
نشوانُ يهزّه دلالٌ ... كالغصن مع النسيم مائلْ
قلت: ليس هذا من الأوزان المهملة بل هو من بحر الوافر، غير أنه أعقص الجزء الأول والرابع، معقول الثاني والخامس، والعروض والضرب مقطوفان. تقطيعه هكذا:
يا مَنْلَ عِبَتْبهِي شمُولُنْ ... ما أَلطَ فَها ذِهِشْ شمائلْ
مفعولُ مفاعلن فعولن ... مفعول مفاعلن فعولن
أعقص معقول مقطوف ... أعقص معقول مقطوف
فإن قلت: هذان البيتان من قصيدة مطولة، وكلها جاء على هذا النمط، وليس الوافر مستعملًا على هذا الوجه، قلت: هو من التزام مالا يلزم، وذلك لا يخرجه عن كونه عربيًا، ألا ترى لو أن ناظمًا نظم قصيدةً من بحر الطويل والتزام في جميع أبياتها قبض الجزء الخماسي حيث وقع لم يكن ذلك مخرجًا لها عن أن تكون من ذلك البحر، مع أنك لا تكاد تجد عربيًا يلتزم مثله.
فإن قلت: العقص إنما يكون في صدر البيت، وهو الجزء الأول منه، لا في أول العجز، قلت: لا نسلم، فقد قيل: إن كلا من أول الصدر وأول العجز محل للخرم بشرطه، فإذا خرجت هذه القصيدة بناءً على هذا القول لم يستنكر. وسترى الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأول العجز محل للخرم بشرطه، فإذا خرجت هذه القصيدة بناءً على هذا القول لم يستنكر. وسترى الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وأول العجز محل للخرم بشرطه، فإذا خرجت هذه القصيدة بناءً على هذا القول لم يستنكر. وسترى الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقال:
وأنواعُه قلْ خمسة عشرَ كلُّها ... تُؤلفُ من جزئين فرعْينِ لاسِوى
أقول: المراد (بالأنواع) الأوزان التي نظم العرب عليها أشعارهم. وتسمى بحورًا وأصولًا وأعاريض وأنواعًا وشطورا. وكونها (خمسة عشر) هو مذهب الخليل.
وزاد الأخفش بحرًا آخر ذهب إلى أنه مستعمل، وتبعه على ذلك جماعة وهو بحر المتدارك، وستقف عليه إن شاء الله تعالى. والخليل يرى أنه من المهملات.
وقوله (كلها) يحتمل أن يكون تأكيدًا لأنواعه، ويحتمل أن يكون تأكيدًا لضمير محذوف، أي قل هي كلها خمسة عشر، على رأي من أجاز حذف المؤكد وبقاء توكيده، على كلا الاحتمالين يضبط قوله (تؤلف) بتاء مثناة من فوق ليس إلا، ويحتمل أن يكون (كلها) مبتدأ مخبرًا عنه إما بقوله (خمسة عشر)، والجملة خبر المبتدأ الأول وهو (أنواعه)، وإما بقوله (تؤلف)، فيجوز حينئذ ضبط (تؤلف) بالتاء والياء، أي يكون مستندًا إلى ضمير مؤنث رعايةً لمعنى (كل)، أو ضمير مذكر رعاية للفظها.
هذا على رأي الجمهور في تجويز الوجهين إذا كانت (كل) مضافةً إلى معرفة، وزعم ابن هشام في (المغنى) أن الصواب في ذلك أن لا يعود الضمير عليها من خبرها إلا مذكرًا مفردًا على لفظها.
وسكن الناظم عين (عشر)، وهو مما يجوز في عد المذكر من أحد عشر وثلاثة عشر إلى تسعة عشر. والجزآن اللذان ذكر أن أنواع الشعر كلها تؤلف منهما يحتمل أن يريد بهما جزئي التفعيل الخماسي والسباعي كما ستعرفه.
والمراد بفرعيتهما كونهما متفرعين عن الأسباب والأوتاد. ويحتمل أن يريد بهما السبب والوتد أنفسهما، وإطلاق الجزء على كل منهما معروف عند أهل الصناعة، والمراد حينئذ بكونهما فرعين أنهما يتفرعان عن الحرف الساكن والحرف المتحرك.
1 / 4