أي ما انقطع. فأخبر أن هذه الألقاب كلها ألقاب نقص، ومن جملتها الخرم، فيكون مسماه نقص شيء من الجزء. الثاني كون المحذوف حرفًا واحدًا. الثالث كونه أول حرف. الرابع كونه من وتد مجموع. الخامس كون الوتد المجموع واقعًا في أول البيت.. فأما كونه من وتد مجموع فيؤخذ من قوله هنا: «وسلْ ودًّا آخرم للضرورة صدرها» وذلك لأنه رمز بالسين للبحر الخامس عشر، وهو المتقارب، وباللام للبحر الثاني عشر وهو المضارع، وبالواو للبحر السادس وهو الهزج، وبالدال للبحر الرابع وهو الوافر، وبالألف للبحر الأول وهو الطويل، وكلّ واحد من هذه البحور الخمسة صدره وتد مجموع، فلزم أن يكون الخرم حذف شيء من الوتد المجموع. ويؤخذ من هنا أيضًا كونه في أول البيت ضرورة أن المراد بالصدر أول البيت. كما أن هذا القيد يؤخذ أيضًا من قوله «فابتدا» على ما ستراه. وأما بقية القيود فتؤخذ من قوله فيما سبق: «ما عدا الخرم فابتدا» . وذلك أنا كنا أسلفنا أن الخرم يكون ابتداء بكل وجه فيكون ابتداء الجزء وابتداء البيت. فإن قلت: أما أخذ كونه ابتداء الجزء وكون ذلك الجزء ابتداء البيت فواضح. وأما اتخذ كونه حرفًا واحدًا من ذلك فما وجهه؟ قلت: إذا تقرر أن كلامه يدل على أن الخرم محله الوتد المجموع المصدر به الجزء الواقع أول البيت لزم أن يكون المحذوف منه حرفًا واحدًا، إذ لا جائزٌ أن يكون المحذوف هو الوتد بكماله، ولا بد أن يكون المحذوف حرفيه المتحركين جميعًا ولا حركة الحرف الأول منه لما يلزم عليه من الابتداء بالساكن، ولا الحرف الثاني وإلا لوقع الحذف غير ابتداء، والفرض أنه ابتداءٌ، قال الشريف: «ولم ينص الناظم على تفسير الخرم، إلا ما أفاده قوله قبل «الخرم ما انفرى» . وقد ذكرت قبل معنى الانفراء، وما أراد به هناك، لكن لمّا ذكره مع علل النقص علم أنه حذف. ومن قوله «اخرم للضرورة صدرها» علم أنه في أوائل الأبيات. ومن قوله قبل «مواقعها أعجاز الأجزاء» وقوله «وما عدا الخرم فابتدا» علم أنه في أول الجزء. ويعلم أنه حرفٌ واحد لأنه أقل ما يمكن حذفه، لأن الحركة وحدها لا تحذف أولًا لأن الحرف المتحمل لها يبقى ساكنًا ولا يبتدأ بالساكن فيحمل على أنه حرف واحدٌ، إذ لو كان المحذوف للخرم أكثر من حرف واحد لنصّ عليه، مع أن حذف حرفين يتعذر لأن الخرم لا يكون إلا في الوتد المجموع وثالث الوتد ساكن فلو حذف منه حرفان لأدى إلى الابتداء بالساكن. وإنما يحتاج إلى ذكر هذا كله لما تقدم من أن الناظم يومي إلى الأشياء إيماء. انتهى كلامه. وأشار الناظم بقوله «للضرورة» إلى أن هذا النوع من التغييرات ليس من المستحسنات، وإنما يستعمل عندهم للضرورة، ولذلك كره بعضهم استعماله للمولدين، وحظره عليهم آخرون. قوله «ووضع فعولن ثلمه ثرمه بدا»: اعلم أن الخليل ﵀ وضع اسم الخرم على حذف أول حرف من أول جزء من البيت، أي جزء كان من أجزاء الخرم الثلاثة وهي فعولن ومفاعيلن ومفاعلتن، ثم لما كانت هذه الأجزاء الثلاثة تختلف بحسب ما يطرأ عليها من الزّحاف، وبحسب سلامتها من ذلك، وضع لكل صورة من ذلك اسمًا يخصها. فالخرم اسم يعم جميع الصور. و«فعولن» له صورتان سلامةِ وصورة قبضِ، فله بحسب ذلك اسمان، فإن دخله الخرم وهو سالم سمي ذلك الخرم ثلمًا، بإسكان اللام وبفتحها. وذلك بأن تحذف فاؤه فيبقى «عولن» فينقل إلى «فعلن» . مأخوذ من ثلم الإناء والحوض وغيره. فشبه الجزء الذي سقط أوله بالإناء الذي تثلم طرفه. فإن دخله الخرم وهو مقبوض سمي ذلك ثرمًا، وذلك بأن تحذف نونه بالقبض وفاؤه بالخرم فيبقى «عول» فينقل إلى «فعل» بإسكان العين. وهو مأخوذ من ثرم الإناء والسّنْ، وهو أكثر من الثلم، فلذلك سمي به الخرم مع القبض. إذا تقرر ذلك فالناظم ﵀ لما ذكر أن فعولن يدخله الثلم والثرم بعد ذكره الأبحر التي يدخلها الخرم، ومنها ما هو مصدرٌ بفعولن وهو الطويل والمتقارب علم أن هذين اللقبين لفعولن ثابتان له في حالة الخرم، وقد علم أن الذي ينبغي تقديم ما فيه تغييرٌ واحد على ما فيه تغييران إيثلرًا للخفة بحسب الإمكان. فإذن فعولن يتصور فيه كما سلف نوعان من التغيير أحدهما بسيط، وهو حذف الفاء فقط، فينبغي أن يكون هذا مسمى اللقب الأول وهو الثلم، وثانيهما مركبٌ من حذف الفاء وحذف النون فينبغي أن يكون هذا
1 / 39