290

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

الناشر

دار القلم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٤/١٩٩٣.

مكان النشر

بيروت

وَكَانَ فِي الْقَوْمِ- وَبَيْنَ بَعْضِ قُرَيْشٍ مُحَاوَرَةٌ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْنَا [١] يَا بَنِي هَاشِمٍ وَإِنْ خَرَجْتُمْ مَعَنَا أَنَّ هَوَاكُمْ لَمَعَ مُحَمَّد، فَرَجَعَ طَالِبٌ إِلَى مَكَّةَ مَعَ مَنْ رَجَعَ [٢] وَمَضَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى نَزَلُوا بِالْعَدْوَةِ الْقُصْوَى مِنَ الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي [٣] وَبَعَثَ اللَّهُ السَّمَاء وَكَانَ الْوَادِي دَهِسًا [٤]، فَأَصَابَ رسول الله ﷺ وأصحابه مِنْهَا مَا لَبَّدَ لَهُمُ الأرضَ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ من المسير، وأصحاب قُرَيْشًا مِنْهَا مَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَرْتَحِلُوا مَعَهُ، فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُبَادِرُهُمْ إِلَى الْمَاءِ، حَتَّى جَاءَ أَدْنَى مَاء مِنْ بَدْرٍ فَنَزَلَ بِهِ.
قَالَ ابن إسحق: فَحُدِّثْتُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلَمَة أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجمُوحِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزلَ، أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلا أَنْ نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ، قَالَ: «بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاء مِنَ الْقَوْمِ فَنَنْزِلُهُ، ثُمَّ تَغُورُ مَا وَرَاءَهُ مِنَ القلبِ [٥]؟ ثُمَّ تَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضا فتملأه ماء [ثم تقاتل] [٦] فَتَشْرَب وَلا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ»
فَنَهَض رسول الله ﷺ ومن مَعَهُ مِنَ النَّاسِ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنَ الْقَوْمِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ القلب فغورتْ، وَبَنَى حَوْضًا عَلَى الْقَلِيبِ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ فَمُلِئَ مَاءً، ثُمَّ قَذَفُوا فِيهِ الآنِيَةَ.

[()] قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي بن كعب لم يخرج منهم رجل واحد، فرجعت بنو زهرة مع الأخنس بن شريق، فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد ...
[(١)] وفي سيرة ابن هشام: لقد عرفنا.
[(٢)] وفي سيرة ابن هشام/ ٢/ ٢٧١) وقال طالب بن أبي طالب:
لا هم إما يغزون طالب ... في عصبة مخالف محارب
في مقنب من هذه المكانب ... فليكن المسلوب غير السالب
وليكن المغلوب غير المغالب
قال ابن هشام: قوله: فليكن المسلوب، وقوله: وليكن المغلوب: عن غير واحد من الرواة للشعر.
[(٣)] وعند ابن هشام: وهو يليل، بين بدر وبين العقنقل، الكثيب الذي خلفه قريش، والقليب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة ...
[(٤)] أي رخوا لينا.
[(٥)] أي الآبار. والقلب جمع قليب وهو البئر.
[(٦)] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.

1 / 293