عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤/١٩٩٣.
مكان النشر
بيروت
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يحدث أن رسول الله ﷺ قَالَ: «فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ ﵇ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ» الْحَدِيثَ
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِيَّ يَقُولانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ بِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلامِ»: وَفِيهِ: «ثُم أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ» .
وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: «فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ (يَعْنِي مُوسَى) بَكَى فَنُودِيَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ: هَذَا غُلامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي» وَفِيهِ: «ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لم يعودوا إليه آخر ما زين عَلَيْهِمْ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَقَدْ رَأَيْتُنِي في جماعة من الأنبياء، فحانت الصلاة فأمتهم، فقال قائل: يا محمد، هذا ملك خَازِنُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَالْتَفَتُّ فَبَدَأَنِي بِالسَّلامِ» .
وَكُلُّهَا فِي الصَّحِيحِ، وَحَدِيثُ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَحْسَنُهَا مَسَاقًا.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ: حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثنا أبو ثميلة عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ جُنَادَةَ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ المقدس قال جِبْرِيلُ بِأُصْبَعِهِ فَخَرَقَ بِهَا الْحَجَرَ وَشَدَّ بِهِ البراق» [١]
وذكر ابن إسحق فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ رُؤْيَتَهُ آدَمَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِيهِ، فَيُسَرُّ بِمُؤْمِنِيهَا وَيُعْبَسُ بِوَجْهِهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ كَافِرِيهَا، ثُمَّ قَالَ: «رَأَيْتُ رِجَالا لَهُمْ مَشَافِرُ [٢] كَمَشَافِرِ الإِبِلِ فِي أَيْدِيهِمْ قِطَعٌ مِنْ نَارٍ كَالأَفْهَارِ [٣] يَقْذِفُونَهَا فِي أَفْوَاهِهِمْ فَتَخْرُجُ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ أَكَلَةُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ظُلْمًا، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ رِجَالا لَهُمْ بُطُونٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ بِسَبِيلِ آلِ فِرْعَوْنَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ كَالإِبِل الْمَهْيُومَةِ [٤] حِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ بُطُونُهُمْ، لا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يتحولوا من
[(١)] أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة بني إسرائيل (٥/ ٢٨١) رقم ٣١٣٢. [(٢)] المشفر: شفة البعير الغليظة. [(٣)] الفهر: الحجر. [(٤)] أي التي تعطش فتشرب فلا ترتوي.
1 / 170