الفقر مع القناعة غنى بلا جاه عريض. أما النعم التي لا تحصى فتكون فقرا عقيما عقم الشتاء البارد للذي يخشى أبدا أن يصبح معسرا. اللهم يا ذا المراحم أعف من الغيرة نفوس أمثالي.
عطيل :
لم لم كل هذا؟ أتظن أنني سأعيش هذه العيشة مغيرا ظنوني كلما تغير هلال. كلا. متى نفذ الريب ثبتت النفس على حالة معه تبدل مني بتيس فظيع يوم أدع نفسي بين أيدي الشبه التي تحدثها كل دسيسة. أنا لا تستفز غيرتي بأن يقال لي إن امرأتي جميلة وإنها لطيفة المحاضرة وإنها تحب المعاشرة وإنها طليقة النفس في أحاديثها وتغني وتلعب وتحسن الرقص. كل هذه الأفعال تكون فاضلة متى كانت المرأة فاضلة. ثم إنني من جهة أخرى لا أخشى أدنى خشية منها ولا يخالجني أيسر ظن سيء بها من جهة أنين فاقد المحاسن لأنها إنما اختارتني ولها عينان مبصرتان نظرتني بهما. لا لا. وما أنا بمرتاب حتى أرى فإذا ارتبت فحتم أن أتثبت مما يداخلني من الظنون وإذا وضح لي البرهان بعد ذلك فيومئذ فراقا خالدا إما للحب وإما للغيرة.
ياجو :
يسرني عزمك هذا بأنه يمكنني الان من توكيد حبي لك وتجلتي. وعليه يقتضي الواجب أن أقدم إليك نصيحة - وبعدها يجيء وقت البرهان - راقب جيدا ما يكون من امرأتك ومن كاسيو. إستعمل عينيك من غير إساءة ظن، إذ لا أحب أن تنخدع فطرتك الشريفة الحرة بسماحتها. أنا عليم بطبائع بلادي، والنساء في البندقية يظهرن من أحوالهن على مشهد من الملأ ما لا يجرؤن أن يظهرنه لبعولتهن، فالذمة عندهن لا أن يمتنعن عما يشتهين ولكن أن يخفينه.
عطيل :
أجد ما تقول؟
ياجو :
غشت أباها بتزوجها منك ولم تكن أشد هياما بك منها حين كانت ترتجف مهابة من نظراتك.
عطيل :
صفحة غير معروفة