أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
العصفور في القفص
العصفور في القفص
كوميدي مصرية ذات أربعة فصول
تأليف
محمد تيمور
مثلتها فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدي لأول مرة بمسرح برنتانيا يوم الجمعة أول مارس سنة 1918.
أشخاص الرواية
محمد باشا الزفتاوي:
أحد باشوات الريف والد حسن، عمره 50 سنة.
حسن بك:
طالب ثانوي. ابن الباشا، عمره 19 سنة.
أمين بك:
مثال الوارث المسرف. ابن عم حسن بك، عمره 22 سنة.
محمود بك:
طالب حقوق. ابن خالة حسن بك، عمره 25 سنة.
فيروز أغا:
أغا السراي، عمره 45 سنة.
عزيزة هانم:
والدة حسن بك وزوج الباشا، عمرها 40 سنة.
مرجريت:
خادمة (كمريرة) سورية، عمرها 21 سنة.
وكان لأول مرة:
عمر وصفي:
في دور محمد باشا علي الزفتاوي.
سليمان نجيب:
في دور حسن بك.
محمد عبد القدوس:
في دور أمين بك.
أحمد علام:
في دور محمود بك.
أحمد زكي:
في دور فيروز أغا.
وكانت لأول مرة:
السيدة ميليا دبان:
في دور مرجريت.
السيدة إستر شطاح:
في دور عزيزة هانم.
الفصل الأول
(صالة في منزل محمد باشا علي الزفتاوي: أثاث مذهب فاخر وضع بغير نظام. مرآة على يمين المسرح، مكتب في الركن الشمالي عليه كتب، خوان صغير في الركن «اليمين» عليه كتاب دلائل الخيرات، خوان كبير في وسط المسرح عليه زهريات. نحن في الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة ... باب في الشمال ... باب في الوسط ... باب في اليمين.) (عند رفع الستار ترى مرجريت ترتب بعض الأواني الصغيرة بجوار المرآة.)
المشهد الأول (عزيزة هانم - مرجريت ثم فيروز أغا)
عزيزة :
انت هنا يا مرجريت؟
مرجريت :
أيوة يا ستي!
عزيزة :
وبتعملي إيه؟
مرجريت :
برتب الصور جنب المرايه.
عزيزة :
وبدل سيدك الباشا سيباهم يرنم في الدولاب. أنا موش قلت لك ميت مره إنك تمسحي البقع اللي فيهم. بس شاطره ترتبي الصور والا إيه.
مرجريت :
مسحتهم النهاردة الصبح يا ستي.
عزيزة :
طيب أديني رايحه أشوفهم كمان شوية. البدل موجودين في الدولاب والبنزين عندك، وليه بقى الكسل ده. أنا عارفه إيه إللي مربط إيديك ورجليك!
مرجريت :
يا ستي قزازة البنزين فرغت بقى لها شهر، وكل ما أقول لهم يشتروا غيرها ما بيردوش.
عزيزة :
قلت لمين؟
مرجريت :
لفيروز أغا.
عزيزة :
وليه ما قلتليش، ومين اللي اشترى لك النهاردة بنزين؟ (تسكت مرجريت)
ما بترديش ليه؟ ... الله ما تردي.
مرجريت :
أنا اشتريت شوية النهاردة.
عزيزة :
إوعي تاني مرة تعملي كده. سامعة. لازم تبقي تطلبي مني الفلوس. ياللا خلصي شغلك قوام.
مرجريت :
حاضر يا ستي.
عزيزة :
أنا رايحة أقعد مع سيدك الصغير وابن أختي. سامعه ياللا قوام (تخرج من باب اليمين) . (مرجريت تبتدئ في إصلاح الصور والأواني. فيدخل فيروز أغا. ينظر إليها نظرة إعجاب، يبتسم ويقول):
فيروز :
بتعمل إيه يا مرجريت؟
مرجريت (مذعورة) :
مين انت؟ خضيتني يا باش أغا. إخص عليك.
فيروز :
برضو إخص عليك. برضو كده يا شيخ. برضو كده.
مرجريت :
ما إنت زعقت فيه كده على غفلة قمت اتخضيت.
فيروز :
طيب كنت عاوز أزعق فيك إزاي؟
مرجريت :
كنت اتكلم بشويش.
فيروز :
بشويش؟ لا. لا. مش ممكن. لازم يزعق.
مرجريت :
وليه؟
فيروز :
أهو كده. إحنا جنس سودانية. لكن ما شفتوش (كأنه يبحث عن شيء)
راح فين؟ رد. اخلص. راح فين؟ اكلم؟
مرجريت :
إيه هو اللي راح يا باش أغا؟
فيروز (يجول بنظره في الغرفة) :
فين؟ راح فين؟ أنا مش عارف دور معايه.
مرجريت :
إيه هو اللي راح؟ مش تقول.
فيروز (يبحث في أسفل الكراسي) :
ما فيش. بقولك دور معاي. سبحان الله عليك.
مرجريت :
موش تقول إيه اللي حدور عليه؟
فيروز :
دلائل الخيرات. أنا دورت عليه في كل أودة. حتى كمان دورت في أودة الباشا. لكن موش لاقيه. دور معاية دور.
مرجريت :
دورت عليها في أودتك؟
فيروز :
يا شيخ دور معاية. يمكن يكون مستخبي هنا والا هنا.
مرجريت (تراها) :
أهيه. أهيه. فوق الترابيزه.
فيروز :
فين؟ فين؟
مرجريت :
ع الترابيزة هناك.
فيروز (يذهب ويأخذها) :
الحمد لله رب العالمين. إن من يقرأ دلائل الخيرات مرة كل شهر بنى الله له في الجنة قصر كبير طوبه من فضه، وطوبه من ذهب. لكن قول يا مرجريت. فين حسن بك؟ هو مش عادته إنه يستنى هنا في الأودة دي ساعة العصرية؟
مرجريت :
قاعد مع ننته وابن خالته في الصالون الكبير. إنت نسيت إن النهاردة يوم الجمعة؟ (تتنهد)
مسكين حسن!
فيروز (يتنهد هازئا بها) :
مسكين حسن (يضحك) .
مرجريت :
بتضحك ليه؟
فيروز :
سبحان الله. حاجه كده جت في دماغي خلاني أضحك.
مرجريت :
لأ. بتضحك ليه؟
فيروز :
شايف يعني إن قلبك رقيق قوي عشان حسن بك.
مرجريت :
وقصدك إيه؟
فيروز :
ما تسألنيش أنا؟ اسأل (هازئا بها)
مسكين حسن بك.
مرجريت :
انت اتعديت الحدود يا باش أغا.
فيروز :
أنا ولا أنت؟
مرجريت :
زي ما تحسب. أنا بقول مسكين حسن. عشان إنه مسكين صحيح.
فيروز :
يا شيخ!
مرجريت :
مانتش مصدق والا إيه؟
فيروز :
لأ. موش مصدق.
مرجريت :
طيب حزر. أبوه بيديله كام في الشهر؟
فيروز :
عشرة. عشرين. ثلاثين. أربعين. خمسين. ستين جنيه أنا عارف.
مرجريت :
ستين. ستين. لكن ستين قرش.
فيروز :
بس يا شيخ بقى أنت بتهزر والا إيه؟ دي يا شيخ يروح السمغراف.
مرجريت :
مرة في الشهر.
فيروز :
كمان أنا شفتها في الجزيرة.
مرجريت :
ماشى على رجليه. إنت نسيت إن أبوه ما يهموش إلا جمع الفلوس.
فيروز :
صحيح. عندك حق. عشان إنت تعرف أسرار البيت دي أحسن مني. أنا بقى لي هنا شهرين بس إزاي بقى يعرف زيك.
مرجريت :
ده أبوه يا شيخ ما يعرفش إلا القرش بس. تعرف عمل إيه من مدة شهر؟ إشترى خاتم ألماز على كيفك يا باش أغا، وطرد الحاج بدوي علشان سرق رطل لحمة.
فيروز :
طيب وليه عنده خدامين، وكمريرات، وعربيات وأتمبيرات، وحاجات ومحتاجات؟!
مرجريت :
عشان يقولوا عليه غني يا سيدي. دي كلها مظاهر كدابة. فاهم، وتعرف مين ضحية كل ده. ابنه. ابنه المسكين. (تتنهد)
مسكين حسن.
فيروز :
لا، حقه يا مرجريت. إنت كده عما تتنهدي زي واحد يعني ميت في الحب خالص.
مرجريت (تجفل) :
وباحب مين؟
فيروز (يضحك ضحكة سودانية ) :
هئ هئ هئ هئ. تحب عيون ... (يقلدها)
مسكين حسن.
مرجريت :
يا سلام يا باش أغا؟ أنا أحبه؟ أنا الخدامه المسكينه الفقيره.
فيروز :
وهو الحب فيه غني وفقير؟ إنت كمان يعني حاجة على كيفك خالص.
مرجريت :
انت بتبصبص ولا إيه؟
فيروز :
وهو يعني حرام. إذا كنت أبصبص لك؟
مرجريت :
انت بتبصبص لي؟ بتحبني؟ (تقول هذا وتغرق في الضحك) .
فيروز (مندهشا) :
جرى إيه؟
مرجريت :
أنت بتحبنى؟ بتحب ... (تغرق في الضحك) .
فيروز :
جرى لك إيه؟
مرجريت :
انت بتبصبص ليه؟ (تغرق في الضحك) .
فيروز :
جرى إيه؟ (يصرخ) .
مرجريت :
لا. بس يعني. لا مؤاخذه يا سي فيروز (تغرق في الضحك)
لا مؤاخذه لو سبتك وخرجت. أحسن الضحك ماسكنى قوي (تضحك وهي خارجة) .
فيروز (صارخا) :
استني هنا.
مرجريت :
مرة ثانية يا باش أغا (تخرج من الباب الشمالي وهي مغرقة في الضحك) .
فيروز (منفردا) :
البنت بتخرج دي إجنن ولا إيه؟ طيب يعني أنا قلت إيه؟ موش عارف والله العظيم. إذا كان هو جميل. برضو أنا موش وحش. إذا كان هو قلبه رقيق (في هذه اللحظة يدخل حسن ومحمود، ويقفان وراء فيروز فلا يراهما، ويسترسل في كلامه)
أنا برضو قلبي رقيق. إذا كان هو يعرف الحب. أنا برضو أعرف الحب. إذا كان هو الحب بيلخبط فكره. أنا برضو الحب بيلخبط فكري. إذا كان. (يلتفت فيرى حسن ومحمود فيفتح دلائل الخيرات ويقرأ)
صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وذريته وصحابته وكل من لاذ ببيته إنه سميع مجيب.
المشهد الثاني (حسن - محمود - فيروز)
حسن :
بتتكلم بتقول إيه يا فيروز أغا؟
فيروز :
ما فيش حاجة يا سيدي. بقرأ دلائل الخيرات.
حسن :
وإيه جميل ورقيق وحب. إيه الكلام اللي كنت بتقوله؟
فيروز :
يا سيدي، إن الله جميل يحب الجمال.
حسن :
طيب اطلع. عاوزين نقعد لوحدنا هنا.
فيروز :
حاضر أفندم (يخرج) .
محمود :
هو الأغا بتاعكم ملحوس والا إيه؟!
حسن :
أنا عارف يا أخي. أنا عارف مين اللي رمانا بيه؟!
محمود :
بقى له كام شهر عندكم؟
حسن :
والله يا بن خالتي أظن شهرين . إلا قوللي ما شفتش صورة الأهرام اللي رسمتها؟
محمود :
لأ، وريها لي يا أخي.
حسن (يذهب للخوان ويحضرها ويعطيها إليه) :
شوف. لكن قبله لازم تقولي رأيك بصراحة.
محمود :
انت تعرف إني ما أعرفش في حياتي غير الصراحة.
حسن :
طيب شوف.
محمود (بعد أن يتأملها) :
جميلة جدا. في غاية الإبداع. ما يبقاش أحسن من كده.
حسن :
يا سلام يا بن خالتي لازم تغالى في الكلام.
محمود :
لا، والله صحيح بس كان لازم إنك تلونها.
حسن :
بقى مانتش عارف ياسي محمود، والله العظيم ما عندي تمن أقلام الرصاص.
محمود :
يا أخي أبوك يديك كام قرش؟
حسن (مقاطعا عليه) :
بالله يا سيدي ما تكلمنيش عن أبويه. أديني راضي بحالتي والسلام.
محمود :
يا أخي برضو أبوك يحبك، يشفق عليك، ولو كان يعني إيده شوية (يشير بيده علامة البخل)
لكن معلهش.
حسن :
ياريت يا سيدي كان بخيل بس. إلا ... ما تأخذنيش لو قلت لك يعني إنه ثقيل.
محمود :
اختشي يا حسن.
حسن :
بس إيه تقول في واحد باشا يصرف زي ما إنت عاوز في الكماليات عشان الناس تقول عليه إنه غني. أما في الضروريات فيستحيل إنه يبز بقرش تعريفة.
محمود :
يا سيدي معلهش.
حسن :
معلهش إيه يا شيخ. معلهش إيه دانا عايش في سجن. كل ما يقابلني ألاقيه مبوز. دايما زعلان معايه. تقولش يا أخي أنا بيني وبينه تار.
محمود :
موش الدرجة دي. بقى إنت يا سي حسن ...
حسن :
طيب اسمع. تعرف جرى إيه أول امبارح؟ طلعت الأول في امتحان نص السنة. قمت يا سيدي دخلت في السلاملك قال عشان أبشره بالنتيجة. قمت لاقيته مع كبشة فلاحين جايين يأجروا عزبة أبو حمد. قلت له وأنا فرحان: بابا أنا أول الفصل. تعرف قال إيه؟ اتفضل بره يا سي حسن. إنت موش شايفني قاعد أتكلم مع البهوات دول.
محمود :
وبعدين؟
حسن :
ولا أبلين. دخلت فرحان وخرجت مكسوف. يا شيخ دا محرم علي كوني آكل معاه. آل عيب إن الابن ياكل مع أبوه.
محمود :
طيب نينتك يا أخي ما تعرفش تكلمه؟
حسن :
تخاف منه يا سيدي. بقى هي خلتك زيه؟ هي اللي تربت في مصر تبقى زي واحد عمره ما عرفش حاجة. جلف قوي، والله يا شيخ أنا موش عارف بيظلمني كده له؟ (يتمشى في الغرفة)
تلقاه بيشتري كل حاجة تكبر من قدره في عيون الناس، ويضن علي بقرش تعريفة. بقى تصدق يا محمود إن مصروفي في اليوم قرشين صاغ بس؟ (يقترب من الشباك)
دنا يا شيخ طالب في المدارس الثانوية. يا شيخ سيبك. يا شيخ دا الموت أحسن، والله الموت أحسن.
محمود :
طيب على فين بس؟
حسن :
أشم هوا من الشباك. ديهده! دا أمين ابن عمي جاي. أهو وصل بالأوتومبيل لحد الباب الجواني.
محمود (يقترب من النافذة) :
هو بعينه.
حسن :
أهو طالع السلالم. دلوقتي نشوفه (يذهب لجهة الباب) .
محمود :
دي مصادفة غريبة خصوصا واني ما شفتوش بقى لى مدة طويلة. (يدخل أمين.)
المشهد الثالث (حسن - محمود - أمين)
أمين :
بنجور حسن بك.
حسن :
بنجور.
أمين :
أوه. بنجور محمود بك. كومون سافاه؟
محمود :
بخير، وانت؟
أمين :
كوم سي. كوم سا. بقى لي مدة طويلة ما تشرفتش برؤيتكم خصوصا محمود بك. طبعا المدرسة بتشغلك عنا يا أخي موش كده والا إيه؟
محمود :
عندك حق، وانت كمان المدرسة لازم تكون شاغلاك عنا.
أمين :
لا يا حبيبي أبدا. أنا مالي يا خوية ومال المدرسة.
حسن :
انت ما بتروحش المدرسة؟
محمود :
إيه الكلام ده. ده مستحيل؟
أمين :
استعفيت منها. يعني حاجة عجيبة قوي!
حسن :
ما تقولش كدا يا شيخ. دا كلام ما اسمعوش أبدا.
محمود :
دا شيء ما يليقش بك يا أخي.
أمين :
انتم نسيتم أني بقيت رب عائلة بعد وفاة المرحوم والدي. سيبنا من موضوع المدرسة. خد سيجارة خد يا محمود بك.
محمود :
ما اشربوش.
أمين :
وحسن بك؟
حسن :
انت تعرف إني كمان أكره الدخان.
أمين :
وهو كذلك (يشعل لنفسه سيكارة)
لكن أنا نسيت أوريكم البدلة الجديدة (يخلع البالطو)
بص يا محمود بك كويس. بالله عليك تاخد بالك يعني البدلة تمام والا لأ؟
محمود :
جميلة جدا.
أمين :
لا. لا. سيبك من الذوقيات. يعني كده الكم طويل.
حسن :
أبدا يا أخي.
أمين :
طيب واللياقه رأيك فيها إيه؟ رأيك إيه يا محمود بك.
محمود :
مظبوطه خالص.
حسن :
لكن يا أخي الجاكته قصيرة قوي.
أمين (هازئا) :
دي آخر موضة يا عبيط. خدو بالكم تاني من اللياقة. يا سلام دانا عملت لها خمس بروفات ولسه برضه.
حسن :
أظنك عملتها عند دليا؟
أمين :
لا فصلتها عند ريبو، وانت فصلت بدلتك فين؟
حسن :
اشتريتها من السوق الأهلي بميدان العتبة الخضرا.
أمين (يظهر على وجهه شيء من الامتعاض يبادر الى إخفائه) :
طيب حأقول لكم حاجة جديدة. رأيكم إيه لو جيتم نتفسح بعد ساعتين لحد الجزيرة كده؟
محمود :
ما تأخذنيش يا أمين بك. أنا بدي أروح أحسن عندي واجبات مدرسية لازم أعملها الليلة.
أمين :
طيب وانت يا حسن بك؟
حسن :
أطلع اتفسح معاك وأنا جيبي منفض ... يستحيل.
أمين :
إخص عليك يا حسن. إزاي تقول الكلام ده لابن عمك إنت اجننت والا قصدك تجرح إحساسي. لازم تتفسح معايه، والا بعدين عمري ما أحط رجلي في البيت ده.
حسن :
أشكرك يا بن عمي على رقيق إحساسك.
أمين :
سبنا من الشكر. قابل والا لأ؟
حسن :
بعد استئذان نينا.
أمين :
وهو كذلك.
محمود :
أما أستاذن بقى.
حسن :
لسه بدري.
أمين :
على طول كده؟
محمود :
معلهش ما يمكنيش (يسلم عليهما) .
حسن :
أما أوصلك.
محمود :
يستحيل.
حسن :
اسمع الكلام (يخرج معه) .
أمين (منفردا. يذهب وينظر للمرآة، ثم يقول بعد أن يتمشى قليلا) :
البنباغ اتعوج جهة اليمين (ينظمه)
أيوه دلوقتي بقى تمام، والمنديل طلع اثنين سنتيمتر زيادة عن اللازم (يصلحه)
دلوقت بقى تمام. شيء جميل. أهو كده القيافة ولا بلاش. يا سلام عليك يا أمين بك ياما إنت جميل قوي (يدخل حسن) .
أمين :
قال لك محمود بك إيه عني؟
حسن :
ولا حاجة.
أمين :
يستحيل. هو عنده شغله غير الكلام عني.
حسن :
والله يا بن عمي هو ما ينتقدكش إلا قدام قريبك بس.
أمين :
من فضلك تقول له إني بقيت رئيس عائلتي، وانه ما يصحش منه إنه ينتقدني.
حسن :
لكن محمود ما يضمرش لك شر.
أمين (جو من فو) :
سيبنا بقى من الكلام ده، وقول لي إزاي حالك؟
حسن :
تعيس الحظ.
أمين :
تعيس الحظ. يعني لسه مالقيتش لك عصفورة صغيره على قدك تآنسك في وحدتك؟
حسن :
وقصدك إيه يعني؟
أمين :
بقى مانتش فاهم؟
حسن :
ما تهزرش إعمل معروف. إنت مانتش عارف حالتي ... طيب وازاي حالتك انت؟
أمين :
شيك خالص. من الطبقة الأولى.
حسن :
سهرت إمبارح فين؟
أمين :
في جان دكس. أما إمبارح حصل لي فصل، ولكن على ذوقك خالص. تعرف إيفون (حسن يبدي أنه لا يعرفها)
إيفون! إيفون؟
حسن :
ماعرفهاش يا أخي؟
أمين :
إمبارح سهرت مع عمده من عمد المنوفية.
حسن :
زي أبويه يعني؟
أمين :
لا مؤاخذه. لا. لا. ما فيش وجه شبه أبدا، وبعدين بعد ما سهرت مع العمده وفرغت اللي في جيبه وسابته يرن قمت أنا انفردت بها.
حسن :
دانت صحيح سعيد الحظ يا أمين.
أمين :
إلا قولي مانتش رايح فرح عبد الرحمن بك؟
حسن :
طبعا. أخذت الإذن من أبويا، وانت؟
أمين :
والله ما زلت متردد.
حسن :
في الذهاب وعدمه؟
أمين :
لأ. في لبس البدلة «السموكنج». أو «الفراك»، وانت راح تلبس إيه ليلتها.
حسن :
بدلتي دي، وانا حيلتي غيرها وبدلة ثانية زيها.
أمين :
إزاي حسن بك كله ابن محمد باشا الزفتاوي. أبو عشرة آلاف فدان، يروح فرح واحد صاحبه ببدلة متساويش عشره فضه؟ لا. لا يا أخي. إيه الفضايح دي.
حسن :
وأعمل إيه؟
أمين :
روح للخياط وفصل لك بدلة سموكنج.
حسن :
أبويا ما يرضاش.
أمين :
قول لنينتك خليها تترجى أبوك.
حسن :
نينتي إيه إعمل معروف.
أمين :
أبوك غني والحمد لله، وبقى مع الثروة دي كلها يبخل عليك بتمن بدلة؟ (تدخل عزيزة هانم.)
المشهد الرابع (حسن - أمين - عزيزة هانم)
عزيزة :
أمين بك هنا؟
أمين (يقبل يدها) :
إزاي صحتك يا تيزه؟
عزيزة :
بخير وازاي نينتك واختك؟
أمين :
طيبين خالص. في صحه وعافية.
عزيزة :
الحمد لله. دنا كنت عندكم إمبارح، ولقيت أختك مخستكه شوية (تجلس) .
حسن (لأمين سرا) :
أختك عيانه وانت مانتش عارف يا سي أمين.
أمين (سرا لحسن) :
إسكت يا شيخ دنا بقيت لي تلت أيام ما دخلتش البيت (لعزيزة)
صحيح إمبارح كانت مخستكه شوية. لكن النهارده أحسن كثير.
عزيزة :
الحمد لله. إتفضل إقعد يا بني.
أمين :
والله أنا مستعجل شوية. علشان بدي أتفسح مع عبد العزيز بك، وكنت عاوز أستأذنك تسمحي لحسن بك بالفسحة معانا.
عزيزة :
بكل ممنونيه.
أمين :
أشكرك يا تيزه.
عزيزة :
إلا قولي يا أمين بك؟ نينتك قالت لي إمبارح إنك قال مبترحش المدرسة.
أمين :
وإيه الضرر يا تيزه؟ أنا والحمد لله بأشوف شغلي بنفسي، وياما حاجات كتير صلحتها في عزبتنا، وياما سرقات وغش وتدليس وخلافه. كل ده نضفته وعمال ليل نهار أشتغل.
حسن (سرا لأمين) :
مع إيفون.
أمين (لحسن سرا) :
اسكت أمال (لعزيزة هانم)
تلاقيني عمال ليل ونهار أشتغل وأوضب وأرتب لما صحتي بقت تقريبا عدم. إزاي بقى نينتي عاوزاني أروح المدرسة، وأسيب الشغل بتاعي في إيد النظار والمفتشين اللي ما يهمهمشي إلا السرقة والغش!
عزيزة :
لكن الشهادة شيء واجب.
أمين :
برضو أنا بأقول كده لكن عاوز أستن شوية لما ألاقي لي وكيل يقدر يقوم بأعمال الدايرة تمام.
حسن (سرا) :
ما تعين إيفون يا أخي.
أمين :
إسكت (لعزيزة)
ودلوقتي أستأذن بقى يا تيزه، وإن شاء الله بعد نص ساعة رايح أرجع عشان آخد حسن بك معايا ونتفسح سوى. سامع يا حسن بك. بعد نصف ساعة رايح أرجع (يقبل يد عزيزة. يسير مع حسن إلى الباب) .
عزيزة :
سلم لي على نينتك واختك.
أمين :
يوصل إن شاء الله (لحسن بك عند الباب)
خليك. خليك أنا راجع بعد نص ساعة. لكن إوعى تنسى تطلب البدلة السموكنج. خليها في بالك. إوعى تنسى البدلة السموكنج. راجع بعد نص ساعة (يخرج) .
حسن (مقتربا من والدته) :
نينه. أنا عاوز منك حاجة.
عزيزة :
إيه يا بني؟
حسن :
انت نسيتي إن فرح عبد الرحمن بك قرب؟
عزيزة :
لا يا بني، ولا نسيتش إن أبوك سمح لك أنك تروح.
حسن :
لكن يا نينة أنا ما أروحش الفرح بالبدلة دي.
عزيزة :
طيب وعاوزني أعمل إيه يا بني؟
حسن :
عاوز بدلة سموكنج.
عزيزة :
طيب يا بني بس أبوك ... إنت موش عارف يا بني.
حسن :
لكن أنا عاوز بدلة سموكنج والسلام.
عزيزة :
وإذا كان أبوك ما يرضاش؟
حسن :
مايرضاش؟ ليه يعني ما يرضاش. سبحان الله العظيم. هوه موش أبويا والا إيه كمان. أما صحيح ده شيء ما ينطقش.
عزيزة :
اختشي يا حسن. أبوك.
حسن :
طيب يا ستي أديني سكت (يذهب ويجلس بعيدا، ويضع رأسه بين يديه) .
عزيزة :
انت زعلت يا حسن؟
حسن :
لأ ما زعلتش. حازعل على إيه؟ هو أنا شفت يوم راحه في البيت ده لما حازعل. اللي ربنا مقدره لازم يمشي.
عزيزة (تقترب منه) :
يا سلام يا حسن لما تكبر المسألة.
حسن :
أديني سكت يا ستي أهوه. ماديني ساكت ومتلهي على عيني.
عزيزة :
طيب اسمع يا حسن ما تزعلش يا حبيبي لما يجي أبوك رايحه أكلمه، وأجيب لك تمن البدلة منه.
حسن :
صحيح يا نينة؟ مرسى مرسي قوي. تعالي أبوسك بقى ...
الباشا (من الخارج) :
لعنة الله عليهم في كل كتاب. أما صحيح ما يستحقوش لا رحمة ولا شفقة.
عزيزة (لحسن) :
ياللا يا حسن إجري قبل ما يجي أبوك. أحسن يا بني ما أقدرشي أكلمه وانت هنا.
حسن :
إوعي تنسي. أديني حاقف ورا الباب ده عشان أسمع اللي حتقولي له إوعي والنبي تنسي.
عزيزة :
لا. مش حانسى ياللا يا حبيبي ياللا (يخرج حسن من باب الشمال) .
المشهد الخامس (عزيزة - الباشا - الأغا)
الباشا (للأغا وهو داخل) :
إديه خمس قروش. خد، وإذا كان ما يرضاش إديله أربعة، وإن مارضاش كمان هات له البوليس. لعنة الله على العربجية من صغيرهم لكبيرهم.
الأغا :
يا سيدي مارضيش ياخد ستة. إزاي أديله خمس قروش.
الباشا :
أما إنك قليل الأدب. إعمل اللي قلت لك عليه، وروح للبشكاتب وقوله يخصم من ماهيتك تلت أيام علشان خالفت الأوامر. ياللا (يخرج الأغا) ، (لزوجته)
قال أدي العربجي خمس قروش يقوم ما يرضاش!
عزيزة :
طيب والباشا جاي منين؟
الباشا :
من العباسية يا ستي.
عزيزة :
ماهي المسافة بعيدة قوي من العباسية للدرب الأحمر.
الباشا :
يا ستي القرش الأبيض ينفع في اليوم الاسود. الناس بتقول علينا أغنيا ولكن مين عارف يمكن نفتقر. تعرفيش أنا طردت إمبارح الحاج عارف ليه؟ عشان سرق شوية برسيم. أما الخدامين، أعوذ بالله منهم، دول شياطين.
عزيزة :
صحيح يا باشا.
الباشا (يجلس مربعا) :
تعرفي يا هانم. إيه اللي جرى لي النهاردة. هنيني يا شيخة واللا تعالي بوسيني كمان. دنا نلت اللي كنت عاوزه.
عزيزة :
إيه يا باشا؟
الباشا :
أجرنا عزبة أبو حمد بزيادة أربعه جنيه كل فدان يعني الفدان بقى بتلاتين جنيه.
عزيزة :
الحمد لله يا باشا، والله فرحانة أوي.
الباشا :
دنا يا شيخة خفت لتنزل علي نقطه من الفرح.
عزيزة :
شوف لما أقولك يا باشا. ما دام بقى أجرت عزبتك بالمبلغ الكبير ده. عاوزاك تديني حاجة.
الباشا (بخوف) :
حاجة إيه كمان؟
عزيزة :
هدية صغيرة تجود بها لحسن.
الباشا (غاضبا) :
هدية إيه كمان وسخام الطين إيه.
عزيزة :
بدلة سموكنج يروح بها فرح عبد الرحمن بك.
الباشا :
بدلة سموكنج؟ عاوز يلبس زي الكفرة. ده فرح مشئوم ده اللي عاوزه تخربيني عشان خاطره.
عزيزة :
ياباشا كل الجدعان عندهم ...
الباشا :
عندهم واللا موش عندهم، موش شغلي. قولى لابنك إني أحرم عليه إنه يروح الفرح ده. سامعة، تعرفي إمبارح كان فين؟ كان في سبلند بار قاعد بيشرب كازوزه. أما عجايب ياناس شاب صغير ماحصلش عشرين سنة بيشرب كازوزه!
عزيزة :
لكن يا باشا كان نفسه في ...
الباشا :
بس. بس. بدلة سموكنج إيه وبتاع إيه لما يحرم قبله شرب الكازوزه في القهاوي بعدين أجيب له بدلة سموكنج. بلاش خراب يا شيخة. خللي كام قرش اللى عندنا بخير وسلام.
الأغا (يدخل حاملا عدة ظروف) :
البوسته.
الباشا (ياخد الخطاب الأول ويقرؤه) :
ياخبر أسود ومطين على دماغي ودماغك يا هانم.
عزيزة :
جرى إيه يا باشا؟
الباشا :
ماتت لنا بقرة. يادي الداهية السوده. يتخصم ثمنها من ماهية ناظر المواشي (يأخذ خطابا ثانيا ويقرأ ثم يبتسم)
القمح بخمسة جنيه الأردب ما شاء الله. أهو كده واللا بلاش تزاد ماهية ناظر الزراعة بنسبة ربع في المائة (يأخذ خطابا ثالثا)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إتخرب بيتنا يا هانم مصيبة يا هانم. داهية كبيرة يا هانم.
عزيزة :
جرى إيه يا باشا؟
الباشا (في صوته رنين البكاء) :
يا خرابك يا سعادة محمد باشا الزفتاوي، يا خراب بيتك يا مسكين ياغلبان.
عزيزة :
جرى إيه يا باشا لا سمح الله.
الباشا :
حرقوا أربع فدادين قمح من ميت يزيد (للأغا)
إمشي يا نذير السوء. إطلع يا وش البابور. عمرك ما تيجي بخبر كويس. إطلع.
عزيزة :
يا باشا هدي نفسك.
الباشا :
حرقوا قمح ميت يزيد، ومع المصيبة دي عاوزه بدلة سموكنج لابنك (يتمشى في الغرفة) .
عزيزة :
بلاش يا باشا بلاش. بس ما تطلعش خلقك.
الباشا :
مع الداهية الطويلة العريضة دي عاوزه تشتري بدلة سموكنج لابنك. أما صحيح الأمهات خراب الأولاد.
عزيزة :
يا باشا هدي روحك.
الباشا :
آل عوزه تجيب بدلة سموكنج لابنها. يادي الداهيه. ينطرد ناظر ميت يزيد حالا. هاتولي ظرف وجواب. فين الأظرف والجوابات؟
عزيزة :
في الصالون التاني يا باشا. في الصالون التاني ياللا بنا.
الباشا :
ياللا ياللا بنا نكتب جواب بطرد ابن الكلب ده. ياللا ياللا (يخرج وعزيزة هانم وهو يقول)
بدلة سموكنج. بدلة سموكنج ...
المشهد السادس (حسن ثم مرجريت) (يدخل حسن وهو متألم. يحاول القراءة في كتاب، ولكن يلقي به على الأرض، ويجلس واضعا رأسه بين يديه. فتدخل مرجريت كأنها تبحث عن شيء فيتنبه حسن.)
حسن :
مين ده؟
مرجريت :
أنا.
حسن :
عاوزه إيه؟
مرجريت :
بدور على ...
حسن :
دوري زي ما إنت عاوزة.
مرجريت :
ما لك يا حسن بك؟
حسن :
وانت ما لك يا ستي وما لي.
مرجريت :
بس شايفاك زعلان.
حسن :
خللي قلبك على نفسك.
مرجريت :
طيب موش تقول لي ما لك؟
حسن :
ما لي إيه، وبتاع إيه. أبويا.
مرجريت :
زعل معاك؟
حسن :
يا ريت!
مرجريت :
أمال إيه؟
حسن :
مرضيش يشتري لي بدلة سموكنج.
مرجريت :
معلهش يا حسن بك.
حسن (صارخا وغاضبا) :
معلهش يا حسن بك. معلهش يا حسن بك معلهش يا زفت. كأني ما اتخلقتش إلا للتعاسة والبؤس.
مرجريت :
وبتزعل ليه؟
حسن :
وانت يهمك زعلي (ضاحكا باستهزاء)
ها ها ها. كلكم علي حتى إنت كمان. ياخي وانت حتحني علي ليه؟ مابقاش فاضل إلا الغريب كمان. (مرجريت تسكت.)
حسن :
روحي يا شيخة.
مرجريت :
لكن ...
حسن (بشده) :
أخرجي.
مرجريت :
معلهش (تبكي وهي خارجة) .
حسن :
بتعيطي. استني (يذهب إليها ويستوقفها)
بتعيطي ليه؟ إنت عيله يا مرجريت.
مرجريت :
علشان بتزعق في، وتقول اني ما بحنش عليك.
حسن (مبتسما) :
وبتحني علي صحيح؟ (مرجريت تسكت.)
حسن :
ما هو يا مرجريت كان خلقي طالع.
مرجريت :
أنا برضو يا حسن بنت ناس. الفقر هو اللي حوجني للخدمة.
حسن :
أنا عارف كده. لكن ماعلهش يا مرجريت. حقك علي. صحيح بتحني علي؟
مرجريت (تبتسم) :
ماحدش بيحن عليك في البيت ده قدي.
حسن :
وأنا كمان أحن لك كتير (يهم بتقبيلها فتفلت منه) .
مرجريت :
الله. الله.
حسن (يقترب منها ثانيا لتقبيلها) :
تعالي.
مرجريت (تفلت منه) :
الله. الله. إيه ده!
حسن :
كنت باظن إنك تحبيني. لكن يظهر إنك تحبيني زي ما تحب الأخت أخوها. القصد معلهش (يبتعد عنها ويجلس بعيدا) .
مرجريت (بعد هنيهة تقترب منه) :
انت بتضحك علي.
حسن (يهم واقفا ويمسكها بين ذراعيه) :
أهو ده دليل حبك. يا حبيبتي يا مرجريت بقى انك تحبيني صحيح وأنا ماكنتش عارف؟ (مرجريت تضع عنقها على ذراعيه بحياء فيقبلها فتجفل فيمسك بها.)
حسن :
كمان بوسه.
مرجريت :
بس بقى أحسن حد يجي.
حسن :
كمان بوسة والنبي (يهم بتقبيلها فيدخل أمين) .
المشهد السابع (حسن - مرجريت - أمين)
أمين :
ترلم لم لم ترلم (تراه مرجريت فتصرخ وتخرج) .
حسن :
قصدي ...
أمين :
وبتقول إنك تعيس الحظ ياسي حسن!
حسن :
الظواهر غشاشه يا أمين.
أمين :
لكن البرهان واضح يا أبو علي.
حسن :
وتظن إيه يعني ...
أمين :
أظن إن عبد العزيز بك بيستنانا في الأوتومبيل تحت، ولازم ننزل حالا عشان نتفسح سوى.
حسن :
لكن والله العظيم ...
أمين :
ماتحلفش.
حسن :
يا أمين ...
أمين :
ياللا بنا.
حسن :
والله العظيم ...
أمين :
قدامي.
حسن :
والله العظيم ...
أمين (يدفعه الى الباب) :
بقولك قدامي. ياللا، و... (ستار)
الفصل الثاني
المشهد الأول (عزيزة ثم مرجريت ثم فيروز أغا) (عزيزة هانم جالسة تدق الجرس فتدخل مرجريت.)
عزيزة :
إندهيلي فيروز أغا.
مرجريت :
حاضر (تهم بالخروج) .
عزيزة :
قولي لي قبله. إزاي فيروز أغا يقول للستات اللي جم يزوروني النهارده إني ما كنتش هنا؟
مرجريت :
أنا عارفة ياستي عمل كده ليه.
عزيزة :
طيب روحي إبعتيه حالا.
مرجريت :
حاضر (تخرج) .
عزيزة :
مابقاش فاضل إلا فيروز أغا نقعد نتخانق معاه كمان. يعني الواحده ماتستريحش في بيتها ولا دقيقه واحدة (يدخل فيروز أغا) .
فيروز :
أفندم.
عزيزة :
تعالى هنا. أنا موش قلت لك ألف مرة إن كل ما تجي ست عشان تزورني لازم تجي تقوللي. إزاي النهاردة تقول لحرم عبد الله باشا محمود إني ما نيش هنا؟
فيروز :
يا ستي أعمل إيه. أنا عبد مأمور.
عزيزة :
طيب، وإذا كنت عبد مأمور موش تمشي الأوامر بتاعتي؟
فيروز :
ما أقدرش أمشيها يا ستي.
عزيزة :
إزاي. إزاي تقول الكلام ده!
فيروز :
وحياة راسك يا ستي ما أقدرش أمشيها أبدا.
عزيزة :
وكمان تقوللي كده يا راجل. إنت ما تختشيش.
فيروز :
يا ستي أنا ما عنديش ذنب أبدا.
عزيزة :
أمال الذنب ذنب مين؟
فيروز :
يا ستي الستات اللي بيجو بيزور حضرتك يشرب قهوه كتير. عشان كده سعادة الباشا نبه علي النهارده إني أقول لكل ست يجي يزورك إنك يا عيان يا خرجت. يا موش عاوز تقابلهم، والسلام يعني حاجة عشان ما يدخلوش. دي أوامر الباشا يا ستي، والذنب موش ذنبي والله ...
عزيزة :
الباشا قال كده؟!
فيروز :
وحياة راسك يا ستي الباشا قال كده.
عزيزة :
يعني ما شفش حد من أصحابي ولا من قرايبي؟
فيروز :
يظهر كده يا ستي.
عزيزة :
طيب روح أنا حكلم الباشا. (لا يذهب)
روح مستني إيه؟
فيروز :
إذا كان إنت يا ستي حتكلم الباشا في المسألة دي أرجوك يا ستي تكلمه في مسألة تانيه كمان.
عزيزة :
حصل حاجه جديدة؟
فيروز :
لا. موش جديدة يا ستي. حاجه شفته بعينك.
عزيزة :
حاجة شفتها بعيني. إمتى؟
فيروز :
موش يعني حاجة شفتها بعينك. لا حاجة تعرفه تمام.
عزيزة :
إيه هي؟
فيروز :
يزود لي الماهيه شوية.
عزيزة :
طيب حابقى أشوف المسألة دي.
فيروز :
ربنا يخليك يا ستي.
عزيزة :
روح بقى. (ترى أمين بك قادما)
أهلا أمين بك. روح يا فيروز.
المشهد الثاني (عزيزة - أمين)
أمين (يدخل) :
نهارك سعيد يا تيزه (يقبل يدها) .
عزيزة :
أهلا وسهلا.
أمين :
حسن بك هنا؟
عزيزة :
الساعة يا بني مجتش تلاتة، وهو مايجيش قبل أربعة.
أمين :
أنا جيت قبل الميعاد. غلطت. القصد بقى أرجع كمان شوية.
عزيزة :
أقعد يابني شوية. يعني مستعجل خالص؟ وإذا كنت تقدر تقولي على المسألة اللي عاوز تقولها له وأنا أبقى ...
أمين :
لا يا تيزة. دي المسألة سرية خالص. تتعلق بإدارة أشغالي الزراعية، وما أقدرش أقولها إلا لحسن وفى ودنه كمان.
عزيزة :
يا سلام!
أمين :
والباشا هنا؟
عزيزة :
لا. خرج عشان بيشتري قال أواني وزهريات يحطها في الأوده هنا.
أمين :
ديهده ياتيزه. يظهر إن الباشا من المغرمين بالفنون الجميلة؛ لأن الأواني على العموم من دواعي الزينة، والزينة تدخل في باب الفنون.
عزيزة :
أنا عارفة يا بني. (تدخل مرجريت وفيروز أغا حاملان أواني جميلة، وفي أثرهما الباشا.)
المشهد الثالث (عزيزة - أمين - الباشا)
الباشا (داخلا) :
حاسب يا فيروز حاسبي يا مرجريت. دنا طلعت روحي لما دفعت تمنهم. أمين بك هنا؟
أمين :
اشتريت زهريات يا عمي؟
الباشا :
أيوه اشتريت يا بني موش كويسين؟ حاسبي يا مرجريت. الله. شيء عجيب والله. رأيك إيه يا هانم؟ رأيك إيه يا أمين؟ حاسب يا أغا. يعني عاوز تكسرهم عشان مادفعتش فيهم حاجة. أمين ياللا نرتبهم سوا (لفيروز)
حط دي ناحية اليمين. أيوه كده، ودي يامرجريت ناحية الشمال ... موش كده يا هانم؟ موش كده يا أمين؟
أمين :
أيوه برضو كده.
الباشا :
ودي في الوسط. ياللا يا مرجريت. إطلعي إنت وفيروز ياللا (يخرجان)
قول لي بقى يا أمين بالله عليك عمركش شفت أواني زي دي (أمين يعض شفتيه ضحكا)
ولا عند واحد برنس كمان. مش كده!
أمين :
موش للدرجة دي. أنا اشتريت من مدة يومين زهريات زي دي حطتها في أودة الكاتب عشان شفت إنه مايصحش كمان أحطها في أودة الوكيل.
الباشا :
يانهار أسود. دنا دافع تمنهم النهارده خمسة جنيه.
أمين :
الأواني التمام تساوي مائة ومائتين وألف جنيه كمان.
الباشا :
ليه كده يعني! لكن يظهر أنك ما تفهمش كتير في الحاجات دي. دانا امبارح لقيت زيهم عند عبد اللطيف باشا. قمت قلت لازم أشتري زيهم أحسن بعدين تقول الناس إن عبد اللطيف باشا عنده حاجات موش عندي. أمال الواحد قدره يكبر بين الناس ازاي. موش كده يا هانم؟
عزيزة :
تمام يا باشا. عملت طيب.
أمين :
اشترتهم من عند مين يا عمي؟
الباشا :
من دكان في الموسكى. نسيت اسم صاحبه يا بني.
أمين :
واللي عاوز يشتري زهريات قديمه يجيبهم من الموسكي؟!
الباشا :
أمال منين يا ابني؟
أمين :
من أوروبا. من باريس.
الباشا :
المره الجاية يا بني أبقى أجيبهم من هناك.
أمين :
يكون أحسن. موش كده يا تيزه، ودلوقت أوروفوار حابقى أرجع كمان شوية عشان أقابل حسن بك.
الباشا :
طيب يا بني. لكن يعني أترجاك إنك تنبه على حسن إنه مايبقاش يقعد في سبلندد بار، وخصوصا ما يشربش كازوزه.
أمين :
حاضر يا باشا (يقبل يديهما ويخرج) .
الباشا :
أمال يا ستي لازم يكون عندنا حاجات زي دي والا بلاش حاجه بالمره ... إوع تصدقي إن الواد أمين يفهم حاجه في الأواني دي. بالله تقومي معايه نبص كويس في الحاجات الحلوه دي. ما شاء الله. ما شاء الله. ما شاء الله. تعرفي لما يجي عبد اللطيف باشا يزورني لازم أدخله الأوده دي علشان يشوف ويتحسر، ويتحسر تمام.
عزيزة :
طيب يا باشا ما دام بتصرف كده ماتزود ماهية حسن.
الباشا :
علشان يشرب وسكي وكونياك. موش كفايه الكزوزه اللي لخبطت عقله. لا. لا. يا ستي حسن ده مالكيش دعوه به بالمره ... تعرفي مين اللي ح يتعشى عندنا الليلة دي؛ حسن باشا رضوان. عين بشاوات الحكومة. اللي ح يتوسط لنا عشان يعاد انتخابنا في مجلس المديرية.
عزيزة :
بقى يا باشا حنرجع تاني نعيش في العزبه.
الباشا :
وهو أنا جابني إلا سقوطي في مجلس المديرية. مجلس المديرية آه يا خساره. قال يفوز علينا هناك رجب باشا، ويخليني أسيب البلد وآجي أعيش هنا في مصر بعدما سقطت في الانتخابات. آه يا مجلس المديرية يا فخفخه خالص. لكن إن شاء الله بمساعدة حسن باشا رضوان أرجع ونعيش على كيفنا هناك (يدخل الأغا) .
الأغا :
محمود بك جت عاوز تشوف حسن بك.
الباشا :
حسن مجاش لسه من المدرسة، ويعني محمود عامل لي صاحب ذوق قوي، وموش راضي يدخل على طول. طيب قوله يشرف (يخرج الأغا) .
عزيزة :
محمود جدع طيب صحيح.
الباشا :
على الأقل أحسن من زفت الطين إبن أخويه أمين اللي ما يفهمش في الزهريات والأواني.
المشهد الرابع (المذكوران محمود ثم مرجريت ثم حسن)
محمود (يدخل) :
السلام عليكم (يقبل يد الباشا وعزيزة هانم) .
الباشا :
وعليكم السلام. أهلا وسهلا.
عزيزة :
إزاي صحة نينتك؟
محمود :
بخير والحمد لله ... حسن لسه ماجاش؟
عزيزة :
لسة يا ابني. دلوقتي يجي.
الباشا :
وإيه اللي معاك ده ياسي محمود؟
محمود :
كتاب تاريخ نابليون ...
الباشا :
نابليون؟ (يتناول الكتاب) .
محمود :
أيوه جبته عشان حسن. (مرجريت تأتي فترى الحاضرين فتتراجع فتناديها السيدة قائلة.)
عزيزة :
تعالي يا مرجريت تعالي. عاوزاني في حاجه؟ (تدخل) .
مرجريت :
أيوه يا ستي (تأتي وتكلم سيدتها في أذنها فتقول عزيزة لمحمود)
عن إذنك يا محمود بك جوني ستات.
محمود :
إتفضلي يا خالتي ما فيش تكليف (تخرج عزيزة هانم ومرجريت) .
الباشا (يكون قد انتهى من تقليب أوراق الكتاب) :
يعني مافيش صور ياسي محمود؟ (يعطيه الكتاب) .
محمود :
معلهش يا سعادة الباشا.
الباشا :
يظهر إنك مبسوط من مدرسة الحقوق؟
محمود :
جدا.
الباشا :
الحمد لله يا بني اللي دخلت مدرسة الحقوق، وإياك إن شاء الله كده تبقى قاضي عادل وكده أبهه خالص.
محمود :
والله يا باشا أنا بدي أكون محامي.
الباشا :
أبوكاتو؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا شيخ سيبك دا مين يجوزك بنته، ومع ذلك برضو أبوكاتو أحسن من حكيم.
محمود :
والله يا باشا مانيش شايف وجه التفضيل.
الباشا :
يا بني كل شيء بيحصل في الدنيا بالقضاء والقدر فأيه بقى فايدة الطب؟ وأنا كان ليه صاحب كان عنده تمان عيال سبعه جامدين زي الحديد وواحد ضعيف العقل والجسم قام ماتو السبعة وعاش التامن. قوللي بقى الطب عمل إيه وفايدته إيه؟
محمود :
الطب عشان الاحتراس والتوقي. موش عشان منع الموت ده شيء في يد الله.
الباشا :
سيبك يا شيخ من الأفكار دي. دي كلها كفر في كفر.
محمود (يغير الحديث) :
الأواني جميله قوي.
الباشا :
انت موش عاجبك كلامي والا إيه؟
محمود :
العفو يا سعادة الباشا. بس الأوانى استلفتت نظري قوي.
الباشا :
صحيح قوم بنا نتفرج عليها قوم (يقتربان منها) . بالله شفتش زيها عند البرنسات؟ قال المخلول أمين قال يقول: إنها ماتساويش حاجه. من حق الكلام ده صحيح؟
محمود :
لا يا باشا غلطان خالص.
الباشا :
دامبارح يا ابنى اشتريت قاموس لسان العرب، وحطيته في أودة الضيوف، ولو إني يعني كلام في سرك ما افهمش فيه حاجه. لكن أهو جبته للزينه، واشتريت يا بني كمان «ورد الجلشاني» وحطيته جنب المخده في السرير، ومن يومها يا بني الصداع راح مني.
محمود :
الحمد لله.
الباشا :
سره باتع الجلشاني، وإن شاء الله ناوي أروح أزور قبره.
محمود :
اتفضل يا سعادة الباشا إذا كان في عزمك النهارده.
الباشا :
لا يا بني لا أقعد. موش النهارده. بقى إنت فاهم انى حروح أزوره النهارده؟ لا. دانا الليلة عازم حسن باشا رضوان عين باشوات الحكومة، وكلام في سرك. هو اللي رايح يتوسط لي عشان يعاد انتخابي في مجلس المديرية. ما تعرفش حسن باشا رضوان؟
محمود :
والله ماسبقش ليه معرفه به.
الباشا :
طبعا. لأنك لسه صغير ما تعرفش الناس أصحاب المقامات العاليه (يدخل حسن)
أهو حسن جه (وبعد أن يقبل حسن يد الباشا، ويسلم على محمود)
أما أسيبكم بقى وأخرج (يقبل محمود يد الباشا وهو خارج) .
المشهد الخامس (حسن - محمود)
محمود :
جبت لك كتاب نابليون.
حسن (يأخذه منه) :
متشكر. يا ترى تسمح لي أني أخليه عندي لآخر السنة عشان الامتحان والا ...
محمود :
يا سلام ياحسن. طيب وأنا محتاج له. خليه عندك يا سيدي على طول.
حسن :
متشكر. لا بس لآخر السنه. إلا قوللي. ماقرتش أبيات سالم الجديدة؟
محمود :
عمل قصيدة جديدة؟
حسن :
يخرج من جيبه جريدة خذ واقرأ.
محمود :
ونشرها في جريدة (يقرأ) :
متى أنا بالغ منك المراما
وشاف في محبتك الأواما
وقاض حق حبك وهو حق
له الغمرات تقتحم اقتحاما
علام هجرتني وجعلت قلبي
بنار الهجر يضطرم اضطراما
لئن زعم العزول بأن قلبي
سلاك وأنه نسي الغراما
فإني لم أزل في الحب صبا
أمين القلب أحتمل السقاما
وكيف أخون للأحباب عهدا
وقد أقسمت أن أرعى الذماما
إذا ... ... ... ... ... ... ... ... ...
حسن :
الباقي كله مدح. مافيش داعي اننا نصدع أسماعنا به.
محمود :
دي قصيده جميلة جدا.
حسن :
إسكت أما امبارح وأنا باقرا في ديوان البحتري وقعت على أبيات من أحسن ما يكون.
محمود :
سمعها لى يا أخي.
حسن :
عن أى ثغر تبتسم
وبأي طرف تحتكم
حسن يضن بوصله
والحسن أشبه بالكرم
أفديه من ظلم الوشا
ة وإن أساء وإن ظلم
وكأن في قلبي الذي
في ناظريك من السقم
يهنيك أنك لم تذق
شهدا وإني لم أنم
محمود :
وانت يا صاحبي ما عملتش حاجه جديدة؟
حسن :
بعض أبيات.
محمود :
ومستنى إيه يا أخى سمعها لي اعمل معروف.
حسن :
حياتي هي الحب والحب ديني
وللحب قضيت عمري شقيا
أماني في الحب شيء كثير
وما نلت يا قوم في الحب شيئا
عذابي كبير ولولا عذابي
لما كنت صبا عفيفا نقيا
ولي في الهوى عفة لا تجارى
ونفس ترى الموت حلوا هنيا
ففيم الملامة يا من يلوم
ولولا الغرام لما كنت حيا
محمود :
أهنيك يا أخي. لكن بقى تسمحش لى بسؤال صغير؟
حسن :
إتفضل.
محمود :
يعنى زمان كنت ما بتسمعناش إلا أشعار في الفخر والحماسة وكنت ما تحودش على الغزل أبدا، ودلوقت شايف المسألة انعكست. ما تقول لي السبب إيه يا أخي! تكونش مغرم والا حاجه؟
حسن :
أعوذ بالله يا شيخ. مغرم إيه وبتاع إيه.
محمود :
هو الحب حرام ياسي حسن؟
حسن :
لا، ولكن ما بحبش.
محمود :
أقول لك ياعم. بتحب واللا مابتحبش أهو كله واحد (ينظر في ساعته يهم واقفا)
أما أقوم بقى أحسن الساعة بقت أربعة ونصف.
حسن :
لسه بدري يا سيدي.
محمود :
أقول لك راح أقعد شوية لحد ما أقول لك حكايه غريبه حصلت عندنا في المدرسة.
حسن :
إيه هيه؟
محمود :
واحد تلميذ انتحر.
حسن :
انتحر؟ يا شيخ ما تقولش كده.
محمود :
لأ. انتحر صحيح.
حسن :
وليه؟
محمود :
كان بيحب بنت فقيره مارضيش أبوه يجوزهاله قام المغفل يقوم يموت روحه. بالله عليك موش مغفل.
حسن :
مغفل إزاي يا شيخ. ده مات شهيد.
محمود :
سيبك يا شيخ دا الحب جنون في جنون.
حسن :
ما تقولش كده يا محمود.
محمود :
وليه؟
حسن :
علشان ...
محمود :
علشان انك تحب. أديك وقعت يا بطل، والحكايه اللى قلتها لك كدب في كدب.
حسن :
يا سلام عليك يا محمود.
محمود :
انت تعرف ياحسن اني أحبك كتير، وأحب لك الخير، وأحب من صميم قلبي إنك ماتقعش واقعه ماتعرفش تقوم منها. أنا عارف أبوك كويس فحاسب يا صاحبي.
حسن :
والله يا أخي أنا موش سائل.
محمود :
ماتقولش بس كده.
حسن :
وأقول أكتر من كده كمان. حد عارف الظروف؟ ما تقول لي أعمل إيه يا أخى ...
محمود :
طيب قول لي بتحب مين؟ (حسن يسكت.)
محمود :
مين بالذمه.
حسن :
واحده عايشه معايه في البيت.
محمود :
مرجريت موش كده؟ (حسن يحني رأسه علامة الموافقة)
حاسب يا حسن. حاسب ليجي عليك يوم تفتح فيه عنيك، وتعرف إن الحب ده له وقت مخصوص بعد ما يفرغ الواحد منه ما يعرفش يعمل إيه؟
حسن :
يبقى ربنا يفرجها.
محمود :
انت نسيت ان كل حب له أجل محدود.
حسن :
والله يا محمود أنا مادفعنيش لحب مرجريت الا البؤس اللي انا عايش فيه . أديك شايف وعارف اللي بيعمله أبويه في. يعني لو ما كنش بيعذبني العذاب ده كله، والا كان بيحن ويشفق علي شوية كنت لا حبيت ولا نظرت أي نظره لمرجريت ولا خلافها. أعمل إيه يا أخي ما حدش بيحن علي في البيت ده غيرها. أعمل إيه إذا كانت هي الوحيده اللي شايفها قدامي.
محمود :
أنا ح سيبك دلوقتي لكن عاوز انك تتأنى وتفكر. هيه. نهارك سعيد.
حسن :
لسه بدري.
محمود :
لا. لازم أخرج. يدوبك أحصل صاحبي في البيت.
حسن (يسير معه الى الباب) :
مع السلامه.
محمود :
بالله تستني. لأ خليك.
حسن :
ما يصحش.
محمود :
يا سيدي، مافيش تكليف (يخرج) .
حسن (يذهب بجوار المكتب، ويجلس، ويفتح كتاب ويقرأ فيه. تأتي مرجريت من ورائه، وتضع يدها على عينيه) :
مين ده؟ الله مين ده؟ بلاش هزار بقى. أوه. أوه (تضع يديها على فمه. فلما يراها يقف ويقبلها)
انت؟ إنت يا حبيبتي.
المشهد السادس (حسن - مرجريت)
مرجريت :
جيت أشوفك. إيه الكتاب ده؟
حسن :
رواية غصن البان.
مرجريت :
غصن البان؟
حسن :
دي رواية من تأليف لامرتين. إسمها في الأصل جرازيلا.
مرجريت :
وحكايتها إيه يعني؟
حسن :
دي واحده حبت لامرتين، وقضت الظروف عليهم بالفراق ومسكينه ماتت شهيدة حبها. (مرجريت تتنهد.)
حسن :
بتتنهدي ليه يا مرجريت؟
مرجريت :
صعبت عليه البنت عشان حالها يشبه حالي. بقى مانتش عارف إنه حيجى يوم من الأيام تتجوز فيه يا حسن.
حسن :
يستحيل. يستحيل إني أسيبك. سامعه يستحيل.
مرجريت :
حد عارف.
حسن :
ليه يا مرجريت؟ إنت شايفاني يعني وش خيانه؟
مرجريت :
لا يا حبيبي. بقى يا حسن لما بكره تبقى كده الكل في الكل رايح تفتكر فيه؟
حسن :
عمري ما أنساك يا مرجريت (يقبلها)
تعرفي أناجبت لك هديه جديده.
مرجريت :
أنامش عاوزه لا هديه ولا غيرها إنت حيلتك حاجه يا حسن دلوقتي.
حسن :
إنت فاهمه إن الهديه دي كلفتني حاجه كبيره. أبدا حوشت ريال كل شهر لحد ما اشتريتها لك.
مرجريت :
وإيه هي؟
حسن :
حذري.
مرجريت :
حلق؟
حسن :
لا.
مرجريت :
دبوس؟
حسن :
لا .
مرجريت (تضع يدها على أصبعها) :
خاتم؟
حسن :
ولا ده كمان.
مرجريت :
إيه أمال؟
حسن :
عقد.
مرجريت :
حلو خالص. تسلم إيدك واشتريته بكام؟
حسن :
بخمسين قرش.
مرجريت (تلبسه) :
جميل قوي (تخلعه)
أما أعينه أحسن حد يشوفه.
حسن :
وخصوصا الوالد ياستي.
مرجريت :
مين اللى جي دلوقتي؟ (يستمعان صوت أوتوموبيل) .
حسن :
أمين من غير شك (ينظر من النافذه)
هوه بعينه. أهو طلع على السلالم.
مرجريت :
أما أروح أحضر لكم كبايتين شربات.
حسن :
قوام.
مرجريت :
أوع تسمع كلامه. ده واد فلاتي.
حسن :
ماتخافيش (تخرج من الباب اليمين. يدخل أمين من الوسط) .
المشهد السابع (حسن - أمين ثم مرجريت)
أمين (داخلا حزينا) :
سلامات ياسي حسن.
حسن :
سلامات يا أخي.
أمين :
عزيني ياسيدي. إمبارح خسرت خمسين جنيه في التيرو.
حسن :
خمسين. مرة واحده!
أمين :
صحيح المبلغ جسيم. لكن الواحد لازم يعزي روحه.
حسن :
أيوه يا أخي لكن لازم تدبر روحك.
أمين :
بكره تدبر يا أبو علي. إسمع. أنا جيت لك من مدة ساعة ولا لقيتكش قمت رجعت تاني. لأن فيه مسأله ضروريه قوي عاوز أحكيلك عليها.
حسن :
أنا في الخدمة يا أمين.
أمين :
المسأله تتعلق بأحدى معشوقاتي «إيفون» اللي قاعده في رقبتي لحد دلوقت ومش عارف إزاي باحبها يا أخي مش فاهم إزاي. دى مسألة يظهر إنها عويصه خالص.
حسن :
عويصه قوي وبعدين؟
أمين :
وبعدين مافيش حاجه ... طردتني من بيتها النهارده.
حسن :
يا خبر، والسبب؟
أمين :
والسبب إني كنت قابلت في السكه بنت ماقولشي يعني إنها جميله. لكن فيها جازبية تجزب الواحد مدة أربعة وعشرين ساعة بس. قمت مشيت وراها بس، وبعدين شافني واحد طالع من عندها. قام راح بسلامته وقال لإيفون وعليه حكمت علي بالطرد. مش مصيبه.
حسن :
مصيبه كبيره قوي، وعاوزني يعني أعمل إيه؟
أمين :
ما هو يعني حلفت لها إني كنت معاك في الساعه المعهودة قامت قلت لازم تجيب لي. (تدخل مرجريت حاملة أواني الشربات)
أيوه قام قال لي لازم تجيب لي ابن عمك عشان يحلف لي إن الكتاب عنده (مرجريت تعطيهما كوبات الشربات ) ، (لمرجريت)
كيف الكيف يامدموازيل مرجريت؟
مرجريت :
بخير.
أمين :
الصحة مش تمام؟
مرجريت :
تمام.
أمين :
والخفقان زال؟
حسن :
يا أخينا! (يعطيانها كوبتا الشربات وتخرج) .
أمين :
نسيت أسألك. إزاي أحوال حبك يا أخي؟
حسن :
بلاش هزار بقى.
أمين :
على إيه ياخويه. شفت بعيني ماحدش قال لي.
حسن :
وبعدين؟
أمين :
ولا قابلين. يعني بس أديك بقى لك شهر وانت متمتع خالص، بدي أعرف بس لحد أي نقطه وصلت؟
حسن :
كمل حكايتك أحسن.
أمين :
عندك حق. بس يعني عاوزك تيجي معاى، وتحلف لها إني كنت معاك في الساعة اللي شافني فيها العزول مع البنت دوكها.
حسن :
إستناني بكره بالأوتوموبيل عند المدرسة، وأنا أروح معاك. لكن لا يا عم خايف أبوي يسمع.
أمين :
إعمل معروف ياحسن.
حسن :
وانت كمان إعمل معروف ياسي أمين!
أمين :
أديك دقت نار الحب يا خويا إعمل معروف، ويمكن يا أخي تلاقي عند إيفون وظاويظ تانيه يغنوك عن الخدامة دي.
حسن :
لا يا أمين. حاكم الهزار لما يتعدى حدوده يبقى تقيل قوي (يبتعد عنه) .
أمين (يسكت قليلا) :
عندك حق. (حسن لا يرد.)
أمين :
سامحنى يا حسن.
حسن :
الله يسامحك يا سيدي.
أمين :
إعمل معروف وحياة راس أبوك.
حسن :
لا. لا. إحلف براس واحد تاني أحسن.
أمين :
طيب وحياة راسي أنا. ماتخيبش رجاي.
حسن :
على شرطين؛ الأول: إن أبوي مايسمعش، والتاني: إنك ماترجعش لهزارك البارد.
أمين :
أبدا تبت لوجه الله. متشكر يا أخي متشكر (يهم واقفا)
بكره الساعة 4 حاكون بالأتوموبيل قدام المدرسة. أورفوار.
حسن :
أورفوار (يخرج أمين من باب الوسط، وتدخل مرجريت من باب اليمين) .
مرجريت :
دهده. خرج أمين بيك والا إيه؟
حسن :
في داهية يا ستي.
مرجريت :
صحيح؟
حسن :
وقصدك إيه؟
مرجريت :
القصد تعرفو مدموازيل إيفون.
حسن :
ديهده؟ إنت سمعت اللي كنا بنقوله.
مرجريت :
كنت واقفه ورى الباب وسمعت كل حاجة. ياللا يا أخي روح عند مدموازيل إيفون إللي حاتغنيك عن الخدامه دي.
حسن :
وهو انا سكت له لما قال كده؟
مرجريت :
لكن رضيت انك تروح معاه.
حسن :
عشان أأدي له خدمه.
مرجريت :
أما خدمة شريفة قوي.
حسن :
انت عاوزه تجرحي إحساسي والا إيه؟
مرجريت (غاضبة) :
بس أسكت بقى. أسكت.
حسن :
ايوه اسكتي إنت هو أنا عملت حاجه. لا الحق أنا ما اسمحش لك إنك تكلميني كده أبدا.
مرجريت :
طيب (بصوت متهدج) .
حسن :
شيء غريب! أما شيء الواحد ما يقدرش يتحمله صحيح.
مرجريت (بصوت أكثر تهدجا) :
طيب.
حسن :
والا يا ترى عاوزة تكوني مستبد!
مرجريت (بصوت كله بكاء ثم تبكي مرة واحده) :
طيب طيب.
حسن :
ما عندكيش إلا العياط ... تعالي. تعالي. (يقترب منها) .
مرجريت :
أوعه كده. أوعه.
حسن (بلطف) :
الحق عليك يا مرجريت.
مرجريت :
كتر خيرك.
حسن :
طيب الحق علي (يمسك يديها)
تعالي (يجلس على الطاولة)
تعالي إقعدي جنبي.
مرجريت :
إوعدني قبله إنك ماتروحش بكره عند إيفون.
حسن :
ابدا والله أبدا تعالي بقى (تجلس على الطاولة)
ابتسمي بقى (تبتسم)
أيوه كده (يطبطب عليها)
هاتي بوسه (يهم بتقبيلها فيدخل والده) .
المشهد الثامن (حسن - مرجريت - الباشا ثم فيروز أغا)
الباشا :
ماشاء الله. ما شاء الله. بتعمل إيه ياسي حسن؟ والله طيب ياخويه (مرجريت تهم بالخروج)
إستني هنا استني.
حسن :
أرجوك يا أبويا.
الباشا :
وكمان عاوز تكلم بعد اللي شفته بعيني.
حسن :
إعمل في اللي إنت عاوزه أما هي مظلومه.
الباشا :
سبحان الله في طبعك ياسي حسن. أما ولد قليل الحيا. إزاي يا واد تحب خدامه وتبوسها؟
حسن :
عشان إنت اللي دفعتني.
الباشا :
أنا يا ناس!
حسن :
معلوم انت. حد كان أجبرك على إنك تعاملني المعاملة السيئة دي. حد كان أجبرك على إنك ما تخليش لى حبيب في البيت ده. حد كان أجبرك على إنك تجيب في بيتك خدامة تكبر وتحن علي؟ إنت السبب. معلوم إنت السبب.
الباشا :
آه يا قليل الحيا والأدب، والله لازم أضربها قدامك (يهم بضربها. يعترضه حسن) .
حسن :
مستحيل.
الباشا :
وبتقول كده كمان. طيب خد والله لأضربك. (تدخل عزيزة هانم من باب الوسط.)
عزيزة :
يا باشا. يا باشا. ده ابنك.
الباشا :
لازم أضربه.
عزيزة :
حرام عليك يا باشا. إنت ما فيش في قلبك رحمة؟
الباشا :
بقى الولد المفعوص ده أدخل ألاقيه عمال يبوس البنت دي، وكمان لما أكلمه يجحم لي، والله العظيم لأضربه.
عزيزة :
اعمل معروف يا باشا. أبوس رجليك (لمرجريت)
ياللا يا بنتي ياللا اخرجي. لمي هدومك وكفاية اللى حصل بقى.
حسن :
حتطردوها. مستحيل أقعد أنا كمان.
الباشا :
توفر يا خويا. لكن استنى، والله العظيم لأضربه (يهجم نحو حسن) .
عزيزة (تمنعه) :
وحياة راسك يا باشا تسكت (لحسن)
حسن أبوس إيديك يا بني تسكت (لمرجريت)
ياللا يا مرجريت.
مرجريت :
حاضر يا ستي (تخرج وهي تبكي) .
عزيزة :
ياللا بنا يا باشا في الأوده دي.
الباشا :
يستحيل أخرج قبل ما أديله كم قلم على اصداغه. تعالى يا واد هنا.
عزيزة :
يا باشا اعمل معروف.
الباشا :
ماانتش راضي تيجي؟ طيب استنى (يهجم عليه)
والله لأضربه.
الأغا (يدخل) :
حسن باشا رضوان جيت.
الباشا (وكأنه نسي كل شيء) :
حسن باشا رضوان جه. عين بشوات الحكومة جه. فين الردنجوت؟
عزيزة :
في أودة اللبس.
الباشا :
مجلس المديرية. حسن باشا رضوان. الردنجوت. فين الردنجوت؟
عزيزة :
في أودة اللبس ياللا بنا.
الباشا (يهرع نحو باب اليمين صائحا) :
الردنجوت. الردنجوت. مجلس المديرية. حسن باشا رضوان (يخرج وعزيزة من باب الشمال) . (حسن يجلس على كرسي يستسلم لأفكاره. تدخل مرجريت من الباب اليسار، وتناديه بصوت خافت.)
مرجريت :
حسن.
حسن :
مرجريت.
مرجريت :
هس. اتكلم بشويش. أنا جيه أودعك.
حسن :
آه ...
مرجريت :
آخر بوسه يا حسن (يقبلها ثم تهم بالخروج وعند وصولها إلى الباب تلتفت إليه، ويلتفت إليها فينهضان لبعضهما ويتعانقان، ثم تهرب من بين ذراعيه نحو الباب، وتخرج فيرتمي حسن على كرسي مجهشا بالبكاء) . (ستار)
الفصل الثالث
منظر الفصل الأول والثاني
المشهد الأول (الباشا - عزيزة هانم)
الباشا (جالسا يقرأ جريدة) :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
عزيزة :
إيه يا باشا إيه يا باشا؟
الباشا :
ولد قتل أبوه، ولما سألوه عن السبب. قال لهم: إن أبوه بلغ سبعين سنة، وإنه شبع من الدنيا، وعلشان كده موته.
عزيزة :
أعوذ بالله. يا رب ماتورينا سوء أبدا.
الباشا :
ده شيء فظيع (يعود للقراءة، ثم يضحك مرة واحدة) .
عزيزة :
إيه يا باشا؟
الباشا :
ها. ها.
عزيزة :
ما تقول لي إيه يا باشا.
الباشا :
يا شيخة خليني أضحك شويه.
عزيزة :
والنبي تقول.
الباشا :
شيخ بعمه بيلعب الباتيناج. موش حاجة تضحك. يا شيخه دي الناس قعدت تضحك عليه لما قالت بس.
عزيزة :
عندهم حق.
الباشا (يعود لتلاوة الجريدة، ويقول وهو يضحك) :
قال شيخ بعمه يلعب الباتيناج (يعاود القراءة، ثم لا يلبث أن يرفع رأسه ويتنهد)
الحمد لله. الحمد لله.
عزيزة :
إيه يا باشا؟
الباشا :
آن الأوان ياختي. رجب باشا سقط في الانتخابات في مجلس المديرية. الحمد لله. الحمد لله. بدي بقى أقوم أقابل حسن باشا رضوان. أظنك عارفه السبب. على الله السنه الجايه ينفع انتخابي، ونرجع بلدنا بعد ما قعدنا هنا تمن سنين في غلب وعذاب أحمر.
عزيزة :
ماقرتش حاجة عن السياسه؟
الباشا :
ما لنا وما لها يا اختي السياسه. لأ. خلينا بعيد عنها اعملي معروف. أما اخرج بقى ألحق حسن باشا. (حسن داخلا، ومعه كتاب فعندما يرى والده يقف مكانه)
أهلا وسهلا كنت فين ياسي حسن؟
المشهد الثاني (الباشا - عزيزة - حسن)
حسن :
كنت في أودتي باذاكر.
الباشا :
طيب وجاي هنا تعمل إيه؟
حسن :
أذاكر برضو.
الباشا :
وإيه اللي معاك ده؟
حسن :
تاريخ نابليون.
الباشا :
تاريخ نابليون والا مرجريت؟
عزيزة :
يا باشا إعمل معروف.
الباشا :
وناوي السنة دي تنجح في البكالوريا والا تسقط زي عمنول.
حسن :
إن شاء الله رايح أنجح.
عزيزة :
إن شاء الله ياباشا ينجح. أنا شايفه حسن بيذاكر دروسه كتير السنه دي.
الباشا :
آه بيذاكر السنه دي. طبعا ما هو عمنول كان عنده شاغل تاني.
عزيزة :
يا باشا ليه بس!
الباشا :
اسكتي. اسكتي. ده اللي عمله حسن مايتعملش. القصد أما أقوم أخرج أقابل صاحبك على الله النوبه دي تنفع المسأله. (يهم بالخروج)
ذاكر يا حسن دروسك. يكفي اللي حصل (يخرج) .
حسن :
أف. أف. أف.
عزيزة :
ما لك يا حبيبي النهاردة زعلان قوي؟
حسن :
ولا زعلان ولا حاجة يا نينه.
عزيزة :
هوا انا يا بني ما اعرفكش لما تزعل!
حسن :
والله يا نينتي مافيش حاجه.
عزيزة :
يا بني يا حبيب ريح قلبي اعمل معروف.
حسن :
وبس ح أقول لك ايه يا نينه.
عزيزة :
طيب تخليني أقول أنا؟
حسن :
قولي.
عزيزة :
يظهر إنك رجعت تفتكر في صاحبتنا.
حسن :
يا سلام يا نينه. يا سلام. يعني لازم تنكدي علي إنت وابويه كل يوم بالسيره دي. هو أنا يا ناس بجيب لكم سيرتها. أنا يا ناس بتكلم؟ موش تسكتوا عني زي مانا ساكت عنكم.
عزيزة :
بس يا بني مش عاوزه أشوفك زعلان.
حسن :
طيب يا ستي أديني موش زعلان.
عزيزة :
طيب هات بوسه.
حسن (يقدم لها خده) :
هيه.
عزيزة :
إخص عليك يا حسن. برضو كده. طيب معلهش (تخرج) .
حسن :
أف. أف. أروح فين؟ (يرمي بالكتاب الى الكرسي ويجلس) .
المشهد الثالث (حسن - محمود)
محمود (داخلا بسرعة) :
حسن.
حسن :
محمود. جيت في وقتك يا أخي.
محمود :
جرى إيه يا أخي. إن شاء الله خير. إيه معنى الجواب اللي بعته ليه النهارده الصبح تستعجلنى فيه بالحضور.
حسن :
مصيبة كبيرة يا أخي.
محمود :
لا سمح الله يا شيخ.
حسن :
والله مصيبه كبيره خالص. أقول لك الواحد يموت روحه ويخلص أحسن.
محمود :
بس موش تقول لي إيه اللي جرى؟
حسن :
إسكت. مرجريت.
محمود :
ما لها؟ ما فات على حكايتها خمس تشهر. إيه اللي جدد العباره تاني؟
حسن :
إسكت أنا خبيت عنك تلات جوابات بعتتهم ليه.
محمود :
تلات جوابات؟ وفيهم إيه؟
حسن :
فيهم إن مرجريت حامل.
محمود :
حامل يادي الداهيه. ماتقولش كده يا شيخ، وقالت لك إيه في الجوابات؟
حسن :
الأولاني أخبرتني فيه بالمسأله، والتاني طلبت مني فيه المساعده، والتالت هددتني فيه بالحضور.
محمود :
وريني جوابها التالت.
حسن :
خد.
محمود (يتناول الخطاب ويقرؤه) :
خطاب صغير خالص. يظهر إنها متضايقة قوي، وبعدين؟ امتى وصلك الجواب ده؟
حسن :
إمبارح.
محمود :
على كده يظهر انها تجي النهاردة. يا أخي ليه بس ما قلتليش على السر من الأول. كان الواحد كلفت المسأله وانتهت.
حسن :
أنا عارف يا أخي. أديني عمال أسأل روحي مش عارف أعمل إيه؟
محمود :
شوف. المهم إن أبوك ما يعرفش المسأله. أما مرجريت الواحد يقدر يراضيها بشيء.
حسن :
وأجيب لها فلوس منين؟
محمود :
أقولك. أول حاجة لازم تقول لنينتك على كل شيء.
حسن :
ماأقدرش يا أخي (يشهق بالبكاء) .
محمود :
بتعيط. إنت عيل صغير يا حسن. إخص عليك يا شيخ. كنت اظنك راجل.
حسن :
اسكت يا بن خالتي. دي مصيبة كبيره قوي. أنا ملزم بتربية الولد والصرف عليه، وضميري ما يسمحش ليه أبدا إني أسيبه. لكن قولي. أجيب له فلوس منين؟ هو أنا حيلتي حاجه.
محمود :
يا أخي قلت لك لازم تقول لوالدتك قبله.
حسن :
ما أقدرش أقول لها.
محمود :
أقول لها أنا. فيه أحسن من كده؟ القصد إن أبوك ما يعرفش حاجه.
حسن (صارخا) :
أبويه. أبويه. موش هو سبب المصايب دي كلها. مش هو سبب المصايب دي كلها.
محمود :
هدي روحك يا شيخ.
حسن :
والله يا شيخ الواحد عاوز يموت ويخلص، أيوه والله عاوز أموت، عاوز أموت. آه ياريتني مت يا شيخ. (يدخل أمين.)
المشهد الرابع (حسن - محمود - أمين ثم فيروز أغا)
أمين :
تموت. تموت! بونجور محمود بك. تموت يعني إيه يا راجل؟
محمود (سرا لحسن) :
ماتقولش حاجة أبدا. سامع.
أمين :
مصيبة كبيرة قوي؟ موش معقول.
حسن :
موش معقول إزاي؟
أمين :
عشان مافيش في الدنيا مصايب أبدا.
محمود :
انت عاوز نقلب المسأله هزار، والا ايه ياسي أمين؟
أمين :
أبدا. أنا بتكلم جد إذا كان الواحد يبص للدنيا بعين الفلسفه ما يتعبش أبدا ولا تجيش له مصايب بالمرة.
حسن :
لكن مصيبتي كبيرة قوي. البنت مرجريت اللي كانت هنا.
أمين :
ما لها؟
حسن :
حامل.
أمين (يذهب ويمسك يد حسن) :
حامل ... برافو عليك يا أبو علي.
محمود (لنفسه) :
كويس خالص.
أمين :
وفين يا أخي المصيبه الكبيرة اللي عمال تدور عليها؟
حسن :
يا أخي سيب الهزار. الولد ده مين حايربيه.
أمين :
أمه، والا أبوه، والا أي واحد. القصد يتربى والسلام، وكلام في سرك لما أبوك راح يسمع بالمسألة.
حسن :
يطردني من البيت.
أمين :
أبدا يا عبيط. ده حاينبسط منك قوي لما يعرف انك واد تمام، جدع.
محمود :
تمام إيه وجدع ايه يا شيخ.
أمين :
معلوم تمام وجدع. على الأقل أجدع مني. دا أنا بقى لي يجي خمس سنين مع يجي سبعين واحده ولا عرفتش أعمل كتكوت، والواد المفعوص ده في ظرف خمس تشهر يعمل عملته ديه. أما براوة عليك صحيح يا ابو علي.
حسن (لمحمود) :
وبعدين بقى يا محمود يظهر إن أمين ح يسوقها هزار للآخر.
محمود (لحسن) :
ماهو الحق عليك انت. ليه يعني كنت بحت له بالسر.
حسن :
أنا عارف.
أمين (لحسن) :
قولي بقى يا حسن بيه وإيه اللى نويت تعمله؟
محمود (محتدا) :
يا أمين بيه أقول لك الحق إحنا ماحناش عندنا وقت نسمع فيه هزارك البارد ده. إعمل معروف تخلينا شوية لوحدنا.
أمين :
أنا رايح أقعد خمس دقايق بس.
محمود :
لا. لا، ولا دقيقه واحده.
أمين (ممتعضا) :
طيب رايح أقعد عشر دقائق.
محمود :
من فضلك يا أمين بك تخلينا لوحدنا.
أمين (يقف غاضبا) :
يا سلام يعني قصدك تطردني والا إيه؟
حسن :
لأ. موش قصده كده بس يعني ...
محمود (مقاطعا على حسن الكلام) :
إفهم كلامي زي ما إنت عاوز أنا بقول لك اننا عاوزين نقعد لوحدنا. فاهم والا لأ.
أمين :
فاهم قوي (لحسن)
إنت شاهد يا حسن بيه. لو كنت تلاقيني مرة تانيه أكلم الجدع ده إبقى تف في وشي. نهاركم سعيد (وهو خارج لحسن)
أهنيك للمرة التانية أما صحيح ولد تمام جدع خالص (يخرج) .
محمود :
الحمد لله اللي انزاح عنا.
حسن :
لكن يظهر إنه زعل.
محمود :
ينفلق ده شيء يجنن. يا سيدي اللي في ايدنا أهم منه.
حسن :
عندك حق قول لي تعمل ايه؟
محمود :
إسمع أنا فهمت من جواب مرجريت إنها حتيجي النهارده، وتبقى مصيبه كبيره لو جت وشافها أبوك وعرف الحقيقه.
حسن :
آه يا محمود لو عرف الحقيقه مايبقاش فاضل إلا اموت.
محمود :
سيبك من الكلام ده يا شيخ. سيبك موت إيه وبتاع إيه، أول حاجة لازم تقول لنينتك.
حسن :
ماأقدرش أبدا ما يمكنش.
محمود :
إسمع الكلام ياحسن بلاش مناقشة دلوقت، موش وقته.
حسن :
ما أقدرش أقول لها.
محمود :
أنا أقول لها يا سيدي. أنا اللي رايح أقول لها.
حسن :
لكن.
محمود (مقاطعا عليه الكلام) :
إعمل معروف ماتضيعش الوقت (يذهب ويدق الجرس) .
حسن :
وبعدين، وبعدين. آه يا ربي آه يا ربي.
فيروز (داخلا) :
أفندم.
محمود :
روح للست وقول لها إننا عاوزين نكلمها في مسأله مهمه قوي.
فيروز :
حاضر (يخرج) .
حسن :
دلوقتي حتيجي يا محمود ده شيء ما أقدرشي عليه أبدا.
محمود :
أما انت خواف صحيح، إستنى يا أخي هو حد في الدنيا يقول إن الأم تيجي على ابنها. دلوقت من غير نزاع تساعدنا.
حسن :
صحيح؟
محمود :
مؤكد! (تدخل عزيزة هانم) .
المشهد الخامس (حسن - محمود - عزيزة هانم)
عزيزة (في حالة انزعاج) :
إيه اللي جرى؟
محمود :
ولا حاجة يا خالتي.
عزيزة (تنظر لوجه حسن) :
ما لك ياحسن؟ كنت بتعيط؟
حسن :
عندي صداع.
عزيزة :
يستحيل هو اللى عنده صداع تبقى عينه حمرة كده ما تقول لي يا بنى ما لك؟
محمود :
اسمعى يا خالتي، المسألة مهمه صحيح. مهمه جدا.
عزيزة :
طيب قول لي إيه هي يا محمود بك؟
محمود :
وعاوزين إنك تساعدينا فيها.
حسن (لنفسه) :
آه.
عزيزة :
خير إن شاء الله.
محمود :
خير إن شاء الله إنت تعرفي بالطبع البنت مرجريت ...
عزيزة :
عارفه إننا طردناها من بيتنا لكن ما اعرفش إيه اللي جرى لها بعد كده.
محمود :
ولا حاجة بعتت جواب لحسن تقول له فيه إنها حامل منه.
عزيزة :
حامل منه (تندهش)
كلام فارغ كدابه البنت دي.
محمود :
يجوز إنها تكون كدابة لكن المهم إنها ح تجي النهارده هنا.
عزيزة :
وإيه يعني نطردها من البيت؟
حسن :
إزاي؟
عزيزة :
معلوم نطردها. إزاي نعرف إن اللي في بطنها ابنك؟
حسن :
أنا متأكد من كده.
محمود :
مش المهم ده كمان. تقولي إيه يا خالتي لو شافها الباشا؟
عزيزة :
يطردها كمان .
حسن (بشهامه) :
ويطردني معاها.
عزيزة :
حسن إختشي إيه الكلام اللى بتقوله ده.
حسن :
إذا كنت يا نينتي تقدري إنك تطرديني من بيتك وتتخلى عني. أنا برضو أقدر أطرد مرجريت وأتخلى عن الولد اللي في بطنها.
محمود :
ياتيزه أنا عاوزك تدبري معانا شوية في المسأله دي. المسأله موش سهلة أبدا، والفضيحة موش كويسه.
عزيزة :
فضيحة إيه وعار إيه، واحده بنت جايه تدعي علينا دعوه زور إيه الداعي إننا نصدقها.
حسن :
يا نينتي إن ما كنتيش رايحه تساعدي مرجريت أنا مستعد إني أخرج من البيت ده، وأربي ابني بأي وسيلة كانت، والا أموت روحي (يخرج مسدس من جيبه) .
عزيزة (صارخة في وقت واحد مع محمود) :
حسن.
محمود (يخطف من يده المسدس) :
يا مجنون عاوز تعمل إيه؟
حسن :
أعمل إيه يا نينتي؟ آه يا نينتي، والله الموت أحسن (يبكي)
والله يا ناس الموت أحسن.
عزيزة (تلاطفه) :
ما تزعلش يا بني هون عليك أنا أصلح كل حاجه (لمحمود)
انتم متأكدين إن مرجريت حتيجي النهارده؟
محمود :
أيوه؟ لأنها بعتت لحسن تلات جوابات. الأول شرحت له فيه المسأله، والتاني إترجته فيه، والتالت هددته بالحضور النهارده. بالله قولي لي لو عرف الباشا يعمل إيه في حسن؟
عزيزة :
المهم إن الباشا ما يشفش مرجريت.
محمود :
كده برضو. يا رب تجي قبل حضور الباشا عشان نوضب المسألة وننهيها.
عزيزة :
يا رب تسمع منا أنا مستعدة أساعدها بس عاوزه حسن يعقل ولا يعملش حاجه يفهم منها الباشا سر المسأله.
حسن :
أحلف لك يا نينتي براسك إني أكون تحت أمرك.
عزيزة :
الحمد لله. يا رب تأخر حضور الباشا.
المشهد السادس (المذكورون - الباشا)
الباشا (من الخارج) :
مصيبه كبيره. مصيبه كبيره (يدخل)
مصيبه كبيره قوي يا هانم وقعت على دماغنا النهارده. اتخرب بيتنا.
عزيزة :
جرى إيه يا باشا. (لنفسها)
خايفه لتكون قابلته مرجريت وعرف الحقيقه.
محمود :
جرى شيء يا باشا؟
الباشا :
لا مؤاخذة يا ابني. ماسلمتش عليك. لكن المصيبة اللي وقعت على دماغي النهارده ماخلتش في عقل ولا فكر.
محمود :
العفو يا سعادة الباشا. بس إيه جرى؟
الباشا :
جرى إيه. جرى إيه (لحسن صارخا)
بس انت اللي ماتسألش أبوك ايه اللي جرى له. كأنك يعني مانتش من العيله ولا تقعش المصيبه على دماغك إنت راخر.
حسن :
جرى إيه يا بابا؟
عزيزة (لنفسها) :
لازم تكون قابلته مرجريت، وعرف كل حاجة. سترك يا رب.
الباشا :
أهو الواحد كده دايما منصاب في الدنيا. أنا عارف الواحد يموت إمتى!
محمود (لنفسه) :
لازم تكون قابلته مرجريت.
حسن (لنفسه) :
مابقاش فيه أمل. لازم تكون قابلته مرجريت.
عزيزة :
موش تقول لنا يا باشا؟ بس يعني إيه اللي جرى.
الباشا :
اللي جرى إني وانا جي من عند حسن باشا رضوان قابلت واحد شحات في السكه. قمت بدال ما اديله قرش تعريفه إديته خمس قروش صحيحة. يا اخوانا خمس صاغ عمله فضه، يا ناس راح مني خمس صاغ النهارده.
عزيزة :
فداك يا باشا.
الباشا :
فدايه؟ إيه الكلام ده! ده بقى موش كفاية إني أروح لحسن باشا رضوان أقوم ما ألقاهوش في البيت، وكمان أدي لواحد شحات حتة بخمسة. يا خبر اسود. يا خبر اسود.
محمود :
معلهش يا باشا.
الباشا :
معلهش ازاي! دي حتة بخمسه الواحد يشترى بها رطل لحمه آه يانا آه يانا، وقعدت أنده على الشحات عشان آخد منه الخمس قروش ما أمكنش أبدا. بقى يجري زي الوابور ابن الكلب.
محمود (لعزيزة) :
لازم الواحد يفكر في مسأله تخليه يخرج عشان ما يقابلش مرجريت.
عزيزة :
برضوه كده.
محمود :
يا سعادة الباشا. لازم سعادتك تخرج حالا وتبلغ البوليس.
عزيزة :
أيوه يا باشا. لازم سعادتك تخرج بنفسك، وتبلغ البوليس في القسم. عشان يعملو للمسألة أهميه.
الباشا :
عندكم حق (يهم بسرعة)
والله ماني عاتقه ابن الكلب (يصل الى الباب ثم يقف) .
حسن (قبل أن يصل الباشا للباب) :
الحمد لله.
عزيزة :
أيوة أهه حايخرج.
الباشا (يقف عند الباب) :
والا على إيه. أبقى أقول لعلي أفندي الكاتب بتاع دايرتنا إنه يبقى يروح يبلغ في البوليس. أحسن أنا حاسس بشوية تعب، وشوف المصيبة كمان. قال اروح لحسن باشا رضوان أقوم مالاقهوش في البيت.
عزيزة :
موش كان يا باشا لازم تستناه شوية.
محمود :
حقه كان لازم يا باشا تستناه.
عزيزة :
معلوم. بقى كده دايما تضيع فرص انتخابك في مجلس المديرية.
الباشا :
ايه يعني؟ كان لازم أستناه هناك؟
حسن :
أيوة يا بابا. كان لازم تستناه.
الباشا :
طيب واعمل إيه دلوقت؟
محمود :
تقوم تاني تروح تقابله. لازم سعادتك تخرج وتروح تقابله.
عزيزة :
أيوه يا باشا لازم تخرج حالا.
حسن :
أيوه يا بابا عشان يعاد انتخابك في مجلس المديرية.
الباشا :
برضو كده (يهم واقفا)
أما أقوم حالا وأروح أقابله. موش حاجه لما أتعب لي شوية.
عزيزة :
الحمد لله.
حسن :
أيوه الحمد لله.
الباشا (يصل إلى الباب ويقف) :
لكن ده قالو لي في البيت إنه خرج بعد الظهر وموش حايرجع إلا بعد العشا عشان معزوم عند عبد الله باشا يسري.
محمود :
وفيها إيه لو عملت زيارة دلوقت حالا لعبد الله باشا يسري، وهناك تقابل حسن باشا رضوان، وإن شاء الله تنفع مسألة انتخابك في مجلس المديرية.
عزيزة :
مافيش أحسن من الطريقة دي. ياللا يا باشا حالا. أدحنا صفاري شمس.
الباشا :
برضو كده رأيكم هو الصواب. السلام عليكم (يصل عند الباب فتقابله مرجريت وهي داخلة، ويقف الباشا مبهوتا عند دخولها) .
المشهد السابع (المذكورون - مرجريت)
حسن (لنفسه) :
ضاع الأمل.
محمود :
يا خبر!
عزيزة :
يا مصيبتي!
الباشا :
شيء جميل! أنا في حلم والا في علم (لمرجريت)
جاية تعملي إيه يا بنت (بشدة)
جاية هنا تعملي إيه؟
مرجريت :
إسأل ابنك.
الباشا (مندهشا) :
أسأل ابني؟
حسن :
ماتسألهاش يا بابا. إسألني أنا. الحق موش عليها. الحق علي.
الباشا :
إيه هو اللي جرى؟
عزيزة :
مافيش حاجه؟ دي بس ...
حسن (يقطع عليها الحديث) :
إسكتي يا نينا. ماحدش حيتكلم غيري.
محمود (لحسن سرا) :
إسكت يا حسن. إسكت خلينا إحنا اللي نتكلم.
حسن (لمحمود بصوت مرتفع) :
أنا موش عيل يا محمود. لازم الحقيقة تتعرف.
الباشا :
إيه هي الحقيقة؟
حسن (بصوت فيه رنة المقدم على شيء كبير) :
الحقيقة إن مرجريت حامل.
الباشا :
حامل! من سيادتكم؟
حسن :
أيوه مني أنا، والواجب يدفعني إني أساعدها.
الباشا (للجميع) :
ده كلام فارغ. بقى بنت زي دي تضحك علينا كلنا، إطلعي برة يا بنت. إطلعى بره لحسن أخبط وشك في الأرض.
حسن :
إذا طردتها يا بابا رايح أطلع أنا وراها.
الباشا :
بطلوا ده واسمعوا ده!
عزيزة :
يا باشا إستنى شوية. الولد حسن ده مجنون، وطالع فيها مره واحده. لازم نعقله. موش كده يا محمود بيه؟
محمود :
معلوم. لازم نعقله. بدل ما ندفعه لعمل حاجات موش كويسه.
الباشا :
أنا بدى أعرف سي حسن عاوز يعمل إيه؟
حسن :
عاوز أربي الولد اللي في بطن مرجريت. عاوز أطلعها من هوة العار اللي رميتها فيها عاوز ...
الباشا :
إخرص يا قليل الأدب. إخرص وإلا اطلع بره إنت وهي.
حسن :
يكون أحسن.
محمود :
إسكت يا حسن.
الباشا :
لازم أطرده هو وهي حالا. حالا.
عزيزة :
يا باشا أبوس إيدك ورجلك.
مرجريت :
يا باشا ما تخافش. كنت أظن إن الأغنياء في قلبهم رحمه على الفقرا. كنت أظن الباشوات يعرفوا الواجب. كنت أظن إن الرحمه والشفقه لسه موجودة في الدنيا. لكن دلوقت عرفت الحياة عبارة عن غش وخداع وظلم. ماتآخذنيش يا سعادة الباشا اللي جيت وقلقت راحتك، وانت يا حسن دلوقت عرفت انك راجل صحيح. خليك يا حسن مع أبوك وأمك. ما يصحش انك تسيبهم عشان بنت مسكينة زيي. أما أنا عندي رب ما ينساش حد.
حسن (يسرع ويقف بجوارها) :
إستني يا مرجريت. يستحيل تطلعي من هنا من غير ما أكون معاك. إنت بتحسبيني راجل متوحش ماعنديش شفقه ولا رحمه. أبدا. لازم أعيش معاك ونربي سوا الولد اللي لسة ماشفش نور الدنيا.
الباشا (ينظر لزوجته) :
أنا ما أقدرش على الحال ده أبدا. هو أنا بيتى معرض فسق يا محمود بك. أنا بقولك للمره الأخيرة: اني مانش عاوز أشوف وش البنت دي ولا وش الحمار ده (مشيرا لمرجريت وحسن)
ياللا بره، اخرجوا بره.
عزيزة :
يا باشا أترجاك. أبوس إيدك (لحسن)
يا حسن أنا أمك ارحم أمك.
محمود :
يا حسن شوف أمك وأبوك.
حسن :
يستحيل. آه عاوزين إني أرحم أمي، ولا ارحمش ابنى مستحيل.
الباشا (محتدا جدا) :
إطلع بره إنت وهي. إطلع أحسن والله بعدين أخسف بكم الأرض، ياللا بره حالا.
حسن :
ياللا يا مرجريت. الوداع يا أمي (يخرج ومعه مرجريت) .
عزيزة :
آه. محمود بيه روح معاه. خليك معاه لحد ما تنفض المسأله. روح يا حبيبي.
محمود :
حاضر يا خالتي أديني رايح (يخرج) .
عزيزة (تجلس على كرسي وتضع رأسها بين يديها) :
آه يا غلبي. يا غلبي يانا.
الباشا :
غلب إيه، وبتاع إيه. الحمد لله اللي استريحنا منه ومنها كنا يا ترى حانقبل على نفوسنا المصيبه دي. (عزيزة لا ترد عليه بل تجلس وهي واضعة رأسها بين يديها.)
الباشا (لنفسه) :
ودلوقت وجب إني أنظم حساب بيتي بشكل تاني بعد ما طردت الملعون ده. بنجيب في اليوم تلات ترطال لحمة. نجيب رطلين ونص، وبنجيب بستة صاغ خضار. نجيب بخمسة، وبنجيب أربع وقات عيش. نجيب تلاتة ونص. أيوه كده تمام (يذهب الى الشباك ويفتحه وينادي)
يا عبد السلام أفندي. يا كاتب سعادة محمد باشا علي الزفتاوي. (صوت عبد السلام أفندي من الحوش: أفندم.)
الباشا :
تعالى تحت الشباك وامسك الدوايه والقلم واكتب. (صوت عبد السلام أفندي من الحوش: أيوه يا افندم.)
الباشا :
الآن وقد طردنا ولدنا العزيز حسن بك علي من منزل سعادتنا. أمرنا بما هو آت:
أولا:
إنزال مرتب اللحمه من تلاتة أرطال الى رطلين ونص.
ثانيا:
إنزال مرتب الخضار من ستة قروش لخمسه.
ثالثا:
إنزال مرتب العيش من تلات وقق الى وقتين ونصف.
رابعا:
إنزال مرتب ... (ستار)
الفصل الرابع
بعد عام من الحوادث السابقة (ترفع الستار عن غرفة صغيرة بها كنبة واحدة، وعدة كراسي من الخيرزان، وبها ترابيزة موجود عليها ملابس بيضاء صغيرة للأطفال، وفى آخر الغرفة مهد صغير به طفل صغير لا يراه المتفرج؛ لأنه نايم في هذا السرير الصغير. باب في الوسط يؤدي الى الخارج وآخر الى اليمين.) (عند رفع الستار ترى مرجريت واقفه أمام الترابيزة تكوي الملابس. تسمع دقا على الباب.)
المشهد الأول (مرجريت - محمود)
محمود (من الخارج) :
أنا.
مرجريت (تذهب وتفتح الباب) :
أهلا محمود بك.
محمود :
بنجور يا مدام.
مرجريت :
بنجور محمود بيه. إتفضل.
محمود :
حسن بالطبع لسه ما جاش؟
مرجريت :
لسه الساعه كام؟
محمود (ينظر في الساعة) :
الساعة 11 ونصف. أنا كنت فايت من قدام البيت قلت لما أطلع أشوف البيبي الصغير، وأديله بإيدي الهديه دي (يعطيها علبة) .
مرجريت :
مرسي يا محمود بيه مرسي (تفتح العلبة وتتأمل ما بها)
آه شيء جميل. دبوس صغير مكتوب عليه اسمه. مرسي يا محمود بيه. مرسي خالص ...
محمود :
أوه. دا مافيش داعي للشكر. دا أقل من الواجب.
مرجريت :
العفو يا محمود بيه العفو.
محمود :
وازاي الحال دلوقتي؟
مرجريت (وهي تشتغل بكي الملابس) :
الحمد لله أهه من يوم ما حسن ساب أهله واتجوزته واحنا عايشين في الشقه دي في خير وسلام.
محمود :
حقه كانت حكايته طويله وعريضه.
مرجريت :
دي كانت رواية يا محمود بيه. أنا عمري ما أنسى ساعة ماخرجنا من بيت الباشا، والا ساعة ما أجرنا الشقة دي، والا ساعة ما استخدم حسن في دكان الجمال بسته جنيه في الشهر، والا ساعة ما ولدت القطقوط الصغير ده. لكن كل الحاجات دي انتهت مع الوقت. أهو بقى لنا سنه دلوقتي وبكره السنين والأيام تفوت أوام.
محمود :
وعزيزة هانم مش بتيجي برضو من وقت لآخر؟
مرجريت :
بتيجي في الأسبوع مرة من ورا الباشا وأهي بتساعدنا في السر.
محمود :
بتيجي لوحدها طبعا؟
مرجريت :
لا. بتيجي ومعاها فيروز أغا علشان تشوف ابن ابنها (يسمع دق ع الباب)
مين اللي جاي لنا دلوقتي؟ (تذهب وتفتح الباب فيدخل أمين بك.)
المشهد الثاني (مرجريت - محمود - أمين ثم فيروز)
أمين :
بنجور مدام حسن بك. إزاي الحال؟
مرجريت :
الحمد لله.
أمين :
حسن مش هنا؟
مرجريت :
كمان شوية يجي. دهده مش تسلم على محمود بيه؟
أمين :
لا ياستي أنا ما اسلمش عليه أبدا.
مرجريت :
ليه؟
أمين :
أهو كده بقى لي سنه وأنا مخاصمه من يوم ما طردني من عند حسن بيه.
مرجريت :
يا سلام!
محمود :
ماكنتش أظن إنك حقود كده يا أخى. إنت لازم تعذرني؛ لأن المسأله كانت مهمه قوي.
أمين :
ما انكرش إن المسأله كانت مهمه قوي. لكن أنا كمان قلت لكم حل جميل خالص، وبدال ما تقبلوه قمت حضرتك طردتني من بيت الباشا.
محمود :
طيب معلهش حقك علي واديني أمد إيدي لك عشان أصالحك. ياللا صافحني.
أمين (يصافحه) :
من غير شك أصافحك؛ لأني رجل زي مانت عارف. أنظر للحياة بعين الفلسفة. لكن فين القطقوط الصغير؟
مرجريت :
نايم في السرير.
أمين (يذهب وينظر في السرير) :
ما شاء الله. ما شاء الله.
مرجريت :
إوعى تصحيه.
أمين :
ماتخافيش. شوف شوف عيونه تشابه عيون أمه تمام.
محمود :
يا أخي شفت عينه منين. ده نايم.
مرجريت (وقد اقتربت من السرير) :
ومنخيره زي مناخير أبوه.
محمود :
وجبهته زي سته. سبحان الله! سبحان الله!
أمين :
أنا مبسوط جدا يا مدام. أنا مبسوط قوي يا محمود بيه.
محمود :
ليه؟
أمين :
عشان الولد مافيهوش حاجه تشابه جده أبدا. الحمد لله الحمد لله. تعرف بكره الولد لما يكبر رايح ينظر للحياة بعين الفلسفة من غير شك. بعين الفلسفة.
مرجريت :
حقة إنت دايما تحب تهزر يا أمين بك. مش كده يا محمود بيه؟
محمود :
هو أمين يعرف غير الهزار والضحك.
أمين :
وأظن حضرتك تحسب إن الدنيا دي يعني جد في جد، تعرف إن اعتقدت كده مانتش نافع. الدنيا يا حبيبي ماهياش إلا ضحك وهزار وتنطيط وزي ما انت عاوز. اسمع كلامي عشان تعرف لذة الحياة. دهده الباب بيخبط. (يدق الباب.)
مرجريت (تذهب وتفتح الباب فتجد فيروز) :
ديهده فيروز أغا!
فيروز (داخلا) :
بعينه يا ستي.
مرجريت :
والست معاك؟
فيروز :
أيوه ياستي. لكن هو مستني في العربية تحت، وبعتني عشان أسأل يعني الست يجي والا لأ.
مرجريت :
مافيش غير أمين بك ومحمود بك، والاتنين يعرفو إنها بتيجي هنا. قول لها تتفضل.
فيروز :
حاضر يا ستي (يخرج) .
أمين :
وإيه جاب وش البابور ده هنا؟
مرجريت :
جه مع الست الكبيرة عشان تشوف ابن ابنها.
محمود :
طيب، وما طلعتش على طول ليه؟
مرجريت :
تخاف أحسن يكون حد غريب هنا بعدين يشوفها ويروح يقول للباشا.
محمود :
دتبقى مصيبه كبيره على الباشا.
أمين :
بالعكس. مصيبه ازاي عليه! على الأقل فيها إنه يطردها زي ما طرد ابنه، ويقلل من مرتب اللحمه والخضار والعيش الى آخره. مش كده والا إيه يا مدام؟
مرجريت :
أنا عارفه.
أمين :
وأنا بلغني إن الباشا مبسوط قوي علشان إنه طرد ابنه. ده بيقولوا إنه قال وفر في السنه اللي فاتت دي عشرين جنيه. تقولش يعني جات له الجنة لحد بيته، والله عمي ده حاجه غريبه قوي. أنا عارف عايش بيعمل إيه؟! (تدخل عزيزة هانم.)
المشهد الثالث (الحاضرون - عزيزة هانم - فيروز أغا)
عزيزة :
صباح الخير. أهلا محمود بيه (تسلم عليه)
أهلا أمين بيه (تسلم عليه)
أهلا مرجريت (تسلم عليها)
فين الولد؟
مرجريت :
نايم في السرير.
عزيزة (تذهب وتراه) :
يا حبيبي يا روحي. إنت نايم يا عيوني. خليك نايم يا سيدي خليك.
فيروز (يكون قد اقترب معها من سرير الطفل) :
حقه تمام يا ستي يشابه له. تمام والله.
عزيزة :
صحيح يا فيروز؟
فيروز :
صحيح.
عزيزة (تجلس) :
فيكم يا ولاد من يكتم السر؟
أمين :
في بير.
محمود :
طبعا.
عزيزة :
إوع حد يجيب سيرة للباشا أحسن بعدين يحرم علي إني أجي هنا.
محمود :
يا سلام. ده احنا يهمنا انك تشوفي النونو كل ساعه مش كل جمعه.
عزيزة :
الله يحفظك يا بني. (لفيروز)
إنزل يا فيروز خليك مع العربجي (يخرج فيروز) ، (لمرجريت)
فين حسن؟
مرجريت :
طلع النهارده الصبح ولسه مجاش.
عزيزة :
وحايغيب؟
مرجريت :
لا. دلوقتي يجي حالا.
عزيزة :
حاكم بقى لي جمعه ما شفتوش وقلب الأم زي ما انتم عارفين. إسكتوا. إسكتوا. ياما يتعذب. ياما يشوف غلب. خصوصا إن الباشا عاوز يعمل وقفيه وقال يطلع ابنه منها. أنا عارفه مين اللي رايح يورثه؟ والله العظيم لما اقعد أفتكر في الحاجات دي كل جسمي بيسيب، ويبقى كده في حاله ما يعلم بها الا الله.
محمود :
والباشا صحيح عاوز يوقف كل أطيانه ؟
عزيزة :
كلها.
أمين :
وعاوز يطلع ابنه من الوقفيه. أما شيء عجيب!
عزيزة :
بدي حد يفهمه إنه ما يصحش يعمل كده أبدا. لكن مين اللي راح يقول له. آه يانا يا غلبي يانا.
محمود :
أنا علي إني لما أقابله أتفاهم معه.
عزيزة :
أيوه يا ابني ربنا يخليك ويطول عمرك.
محمود :
العفو يا خالتي العفو. ده واجب علي.
أمين (يذهب جهة النافذة) :
دهده. ده حسن بيه جي أهو مع راجل بدقن؟
مرجريت :
مع مين؟
أمين :
ما اعرفش الراجل.
مرجريت :
تعال يا محمود بيه امسك معايا السرير عشان ندخله في الأوده التانيه.
محمود :
حاضر (يمسك معها السرير ويدخلانه في الغرفة المجاورة) .
مرجريت :
حاسب لا الواد يصحى.
محمود :
ما تخافيش (يدخلان ويعودان بسرعة) .
مرجريت (لعزيزة) :
اتفضلي في الأوده التانيه.
عزيزة :
أيوه أحسن عشان يقعد حسن مع صاحبه في الأوده دي (يدخلان) .
أمين :
يا ترى مين الراجل أبو دقن تعيتع اللي جاي مع سي حسن؟
محمود :
ما اعرفش يا أخي والله. دلوقت تعرفه.
المشهد الرابع (محمود - أمين - حسن - رضوان باشا)
حسن (داخلا وأمامه رضوان باشا) :
ديهده محمود بك وأمين بك هنا بنجور (يسلم عليهما)
أما أقدم لكم سعادة الباشا حسن باشا رضوان (لرضوان باشا)
حضرته محمود بيه ابن خالتي. حضرته أمين بيه ابن عمي.
رضوان باشا :
تشرفنا.
محمود وأمين :
تشرفنا.
حسن :
الباشا تكرم علي بأنه يزور بيتي ويشرب عندي فنجال قهوه.
رضوان باشا :
بالعكس يا حسن بيه. أنا مدين لك بحياتي وأنا أشكر الظروف اللي خلت خلاصي من الموت على إيديك.
أمين :
الباشا كان حيموت ...
رضوان باشا :
كنت راكب الترامواي، وكان حسن راكب جنبي، وبعدين جيت أنزل والقطر ماشي آمت إزحلقت رجلي، ولولا إن حسن بك راح ماسكني من كتفي كنت وقعت تحت العجل.
محمود :
الحمد لله يا باشا ربنا ستر.
رضوان :
معلوم ربنا كريم، وبعد ما خلصني حسن بك سألته عن اسمه فوجدت انه ابن محمد باشا علي صديقي العزيز فاستغربت جدا من إني أعرف الوالد ولا أعرفش الولد، ثم إني جيت مع حسن لحد بيته، وزاد اندهاشي لما عرفت إنه مش ساكن مع والده.
أمين :
المسأله يا سعادة الباشا دي طويله وعريضه خالص.
محمود (لحسن في أذنه) :
نينتك بتستناك جوه. أدخل شوفها.
حسن :
يا سعادة الباشا تسمح لى بدقيقه واحده.
رضوان :
إتفضل.
محمود :
سعادتك بالطبع مندهش من إن حسن مش ساكن مع والده في بيت واحد، وبالطبع سعادتك لما كنت بتروح عند محمد باشا ما كنتش بتشوف حسن هناك؛ لأن أبوه كان محرم عليه إنه يدخل السلاملك.
رضوان :
يا سلام؟
محمود :
سعادتك بالطبع تعرف أخلاق الباشا كويس.
رضوان :
صحيح. صحيح. كمل حديتك.
محمود :
وبالطبع سعادتك ما خدتش بالك لما الباشا طرد ابنه من بيته؟
رضوان :
هو الباشا طرد ابنه؟
أمين :
أيوه يا باشا. عمي طرد ابن عمي عشان يقلل من مرتب اللحمه والخضار، وعشان يوفر الستين قرش اللي كان بيخدهم كل شهر.
محمود :
أمين بك بيحب يهزر يا سعادة الباشا.
رضوان :
إزاي طرده يا محمود بك.
محمود :
الحكاية أحكيها لسعادتك. الباشا بخيل جدا وموش بس بخيل. لأ. كمان قاسي خالص على أولاده وأهل بيته. عمره ما خلاش حسن يشعر بحنوه.
رضوان :
ده شيء معروف عنه خالص.
محمود :
نتج من ذلك إن حسن حب بنت كمريره من أصل طيب كانت بتشتغل في بيت أبوه. فلما عرف أبوه بالمسألة طرد البنت، ولكن البنت شعرت بأنها حامل فطلبت المساعده. لكن الباشا طردها هي وابنه.
رضوان :
وإيه اللي عمله حسن؟
محمود :
إجوزها وخلفت ولد بيربوه سوا، وعشان كده ياسعادة الباشا حسن مش ساكن مع والده في بيت واحد.
رضوان :
آه. أدي غلطة الأبهات. غلطتنا. نشد الخناق على أولادنا حتى لما يعصونا نطردهم، ولكن لازم أصالحهم مع بعض، بس ماتعرفش الباشا دلوقتي قاعد فين؟
أمين :
قاعد في قهوة متاتيا بالطبع.
رضوان :
حدش فيكم يروح يقابله ...
أمين :
أنا عند الأوتوموبيل تحت بيستناني. بس قول لي أقول له إيه؟
رضوان :
قول له حسن باشا رضوان بيستناك في بيت في المناصره عشان مسأله تخص مجلس المديرية، وعاوز يشوفك حالا.
أمين :
في مسافة عشر دقائق يكون محمد باشا علي هنا (يخرج) .
محمود :
يا سعادة الباشا سعادتك رايح تعمل جميل في حسن عمره ماينساه.
رضوان :
يا بني ده واجب علي. لازم اعمله.
محمود :
خصوصا وإن والدته. في حالة شديدة جدا. تيجي كل يوم حد تزوره من غير ما يعرف أبوه، وتقعد المسكينه تبكي زي طفله صغيره.
رضوان :
لا حول ولا قوة إلا بالله.
حسن (يدخل حامل ولده، ومرجريت خلفه) :
أنا جايب لك يا سعادة الباشا ابني محمد عشان تشوفه.
رضوان (يتأمله) :
ما شاء. ما شاء الله.
حسن :
وأقدم لك الست زوجتي.
رضوان :
تشرفنا (يسلم عليها)
ابنك جميل جدا يا مدام. ربنا يخليه لك ولابوه.
مرجريت :
مرسى يا سعادة الباشا.
رضوان (يداعب الطفل) :
ما شاء الله. ما شاء الله.
حسن :
خدي يا مرجريت دخليه عند سته (تدخل مرجريت)
الله فين أمين بك؟
رضوان :
خرج في مسأله تفيدك جدا.
حسن :
على الله يا سعادة الباشا.
محمود :
أنا حكيت للباشا حكايتك من أولها لآخرها؛ فالباشا تأثر جدا، ووعد بأنه رايح يصالحك مع والدك، وعلى كده بعت أمين بك عشان ينده والدك من قهوة متاتيا.
حسن :
متشكر ياسعادة الباشا. لكن ده لما يسمع إنه حايجي في بيتي مايرضاش يجي أبدا.
رضوان :
لا. إحنا قلناله. إني أنا مستنيه في بيت في المناصره عشان مسألة تخص مجلس المديرية. فبالطبع زي ما انت عارف لما يسمع مسألة مجلس المديرية رايح يجي على طول.
حسن :
حقه مافيش إشكال في كده.
رضوان (بصوت منخفض) :
لكن يا ابني دانا ما كنتش عاوز لك الجوازه دي.
حسن :
اللي أمر به ربنا لازم يمشى يا باشا. ده يا باشا أنا بلغني من والدتي إنه عاوز يعمل وقفيه ويطلعني منها.
رضوان :
لك علي إن الوقفيه مش رايحه تتعمل، وإنه رايح يقدر مبلغ تصرف منه على مراتك. لكن ما أعدكش بإنه رايح يقبل بإنك تعيش معاه في بيت واحد.
حسن :
يا ريت يا باشا مايقبلش يا ريت.
رضوان (يضحك) :
يظهر إنك كنت شايف المر عنده!
حسن :
المر بس. يا ريت كان المر بس يا باشا. دانا كنت في جهنم، والله يا باشا أنا احلف لك بشرفي إني دلوقتي مع الفقر اللي أنا عايش فيه، واللي أحوجني لأني أشتغل كاتب في دكان الجمال، أنا ألف مره مبسوط عن أيام ما كنت عايش معاه في بيت واحد.
رضوان :
عندك حق يا بني. هو أنا ما اعرفش أبوك. أظن مافيش حد يعرفه في مصر أدي. ده كان لما يسمع إن واحد سقط في مجلس المديرية كان يجي لي البيت على طول ويقعد يقول ويعيد. (يسمع نفير أوتوموبيل)
الأوتوموبيل جه.
محمود :
ده أمين والباشا من غير شك (ينظر من الشباك)
هما بعينهم. ياللا بنا يا حسن ندخل في الأوده التانيه عشان مايشفناش هنا. ياللا بنا.
رضوان :
أيوه يا محمد باشا أديك شرفت. أما نشوف مين رايح يغلب التاني (يدخل الباشا وأمين) .
المشهد الخامس (محمود - رضوان باشا - محمد باشا - أمين)
الباشا :
سعادة الباشا هنا (يزرر الجاكته، ويهم بتقبيل يده؛ فيمتنع رضوان باشا)
والله لبوس إيدك يستحيل. لازم أبوسها.
رضوان :
العفو يا باشا العفو. هو ده كلام.
الباشا :
إزاي ياسعادة الباشا. دانت أفضالك كتيره علينا. ده سعادتك الخير والبركه.
رضوان :
العفو يا محمد باشا إتفضل أقعد.
الباشا :
ما يصحش يا باشا. مايصحش. هو أنا قد المقام.
رضوان :
والله لتقعد.
الباشا :
مدام سعادتك أمرت مابدهاش (يجلسون)
قال سعادتك بعت تطلبني عشان مسألة تخص مجلس المديرية؟
رضوان :
يا محمد باشا أنا أهنيك. إنت رايح تنتخب في القريب العاجل في مجلس المديرية.
الباشا (يرفع يديه للسماء) :
الله يخليك ويطول عمرك يا حسن باشا رضوان (ينظر للباشا)
والله يا سعادة الباشا أنا مانيش عارف أشكر سعادتك إزاي. مش عارف أعمل إيه؟ (يهم واقفا)
والله لبوس إيدك، والله لبوس إيدك.
رضوان :
العفو يا باشا العفو.
أمين (لنفسه) :
كده كده على عينك يا تاجر.
الباشا :
يا سلام يا باشا. يعني مش تخليني أبوس إيدك مرة في حياتي.
رضوان :
ماعلهش. لكن أنا بدي أحكي لك حكاية حصلت لواحد باشا زيك انتخب في مجلس المديرية. تحب تسمعها؟
الباشا :
أحب أسمعها؟ دي بالطبع كلها حتكون جواهر. خصوصا إنها طالعة من بقك.
أمين (لنفسه) :
يا مجلس المديرية يا أنس خالص.
رضوان :
كان في واحد باشا مش ضروري أقول اسمه كان عاوز إنه ينتخب في مجلس المديرية، ولكن الحظ كان يعاكسه دايما.
الباشا :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ده حظ زي حظي تمام.
رضوان :
وكان حيلته من الدنيا ولد واحد. لكن تعرف يا باشا. قال كان قاسي على ابنه قوي. من حق ده يصح؟ أنا أشوف إنه ما يصحش. مش كده يا باشا؟
الباشا :
بالطبع. إزاي أب يكون قاسي على ابنه؟ (أمين يتنحنح.)
رضوان :
وقال يا باشا كان يديله في الشهر قال ستين قرش بس.
الباشا :
دانا كمان يا باشا أشوف إنه مايصحش أبدا. ده كان حقه يديله ستين جنيه في الشهر.
أمين (لنفسه) :
والله حتتنغنغ يا ابو علي.
رضوان :
وقال طرد ابنه من البيت عشان إن الولد حب بنت وحملت منه. بالله عليك يا باشا موش الباشا ده اللي يطرد ابنه من غير ما يشوفه بحاجه مش يستاهل الضرب؟
أمين :
يستاهل ضرب الصرم يا باشا. مش كده يا عمي؟
الباشا (وقد داخله الشك) :
كده يا ابن اخويه كده برضو.
رضوان :
وقال كمان يا باشا عاوز يعمل وقفيه ويطلع ابنه منها. بقى بالله ده مش يستاهل الموت؟
أمين :
يستاهل المشنقه يا باشا. مش كده يا عمي؟
الباشا :
كده برضو يابن اخويه كده.
رضوان :
لكن بالصدفه كان الباشا ده قال يعرف واحد باشا تاني كان ح يترجي له في الانتخاب، وسمع الباشا ده بالحكايه آم قال لنفسه وحلف. قال إنه مايترجاش للباشا في الانتخاب في مجلس المديرية إلا إذا أولا: اصطلح الباشا مع ابنه، ثانيا: عمل له ماهية في الشهر ستين جنيه مش ستين قرش. ثالثا: ما يعملش الوقفيه اللي رايح يعملها ويكون ابنه هو الوارث الوحيد له. أهي دي هي الشروط التلاتة اللي تخليك يا محمد باشا علي تنتخب في مجلس المديرية، فرأيك إيه؟
الباشا (راجيا) :
كده يا باشا كده تعملها فيه!
رضوان :
كلمه واحده. عاوز مجلس المديرية والا لأ؟
الباشا :
عاوزه يا باشا عاوزه في عرضك.
رضوان :
وقابل الشروط التلاتة والا لأ؟
الباشا :
قابلهم يا باشا، لكن عشان خطرك بس.
أمين (يقترب من عمه) :
والا عشان خاطر مجلس المديرية؟
رضوان :
روح يا أمين بك وانده حسن بك وزوجته ومحمود بك.
أمين (يذهب على الباب وينادي) :
تعالى ياسي حسن بك إنت ومراتك وابنك ومحمود بك. بقيت يا خويا بستين جنيه في الشهر. تعالى حالا.
المشهد السادس (المذكورون - مرجريت - حسن ثم عزيزة هانم)
رضوان :
يا حسن بك أهنيك أولا: لأن والدك صالحك. ثانيا: لأنه عملك ستين جنيه في الشهر عشان مصاريف بيتك. ثالثا: لأنه مش حيعمل الوقفيه اللي كان حايعملها.
الباشا :
رابعا: لأني سأنتخب في مجلس المديرية.
رضوان :
حسن بك ياللا بوس إيد ابوك. (يقبل حسن، فيقبله والده في خده)
يا مدام بوسي إيد حماك (تقبل يده فلا يقبلها) .
الباشا (مشيرا للولد الصغير) :
الولد ده هاتي لما أشوفه هاتي. (يحمل الولد)
ما شاء الله. ده الولد حلو خالص (تأخذه هزة الطرب)
يا حبيبي يا بن ابني. (لرضوان باشا)
يا سعادة الباشا. خامسا: بأني أحب ابن ابني قوي، ورايح أعمل له في الشهر عشرين جنيه لوحده. أما صحيح أعز الولد ولد الولد.
رضوان :
الحمد لله دلوقت بس مجلس المديرية اللي حايخليك تدي الفلوس لابنك.
الباشا :
والله يا سعادة الباشا ماحد حنن قلبي إلا الطفل الصغير ده.
رضوان :
الحمد لله، ودلوقت بقى. حيث إنكم اصطلحتم فأنا لي كلمة صغيرة أقولها لك يا محمود بك إنت وأمين بك. ماتظنوش إن حسن عمل طيب. الظروف كانت قاسيه عليه يا بني يا محمود وانت يا أمين. أنتم لسه ماتجوزتوش، وأدنتم شفتم بعينكم الغلب اللي شافه حسن. فأنصحكم إنكم ماتتجوزوش إلا من جنسكم، ولا تطلعوش من خلف أبهاتكم. أستأذن بقه.
حسن :
لسه بدري يا باشا.
الباشا :
لسه بدري.
رضوان :
لا معلهش. سلام عليك (يسلم عليهم) .
الباشا (لرضوان باشا ) :
إوعى تنسى مجلس المديرية.
رضوان :
ما تخفش (يخرج) .
حسن (يجرى لجهة الباب وينادي) :
يا نينه. يا نينه، تعالي تعالي.
الباشا :
إنت هنا يا عزيزة؟ إش جابك؟
عزيزة :
اللي شايله على إيدك.
الباشا :
عندك حق. عند حق. ماهو يا عزيزتي زي ما انت عارفه أعز الولد ولد الولد، وعشان الطفل ده اصطلحت مع حسن، ورايح انتخب في مجلس المديرية.
عزيزة :
يا فرحتي.
أمين :
ليحي مجلس المديرية. مش كده يا عمي؟
الباشا :
لا. لا. مش ليحي مجلس المديرية. ليحي حفيدي الصغير. (ستار)
صفحة غير معروفة