202

نعم؛ فإن الدول متفقة على معاكسة الإنجليز، والإنجليز في شغل شاغل بالمسألة السودانية، وقلوب رعاياهم في الشرق - خصوصا المسلمين - منحرفة عنهم، وكوامن الأحقاد متهيئة للوثبة عليهم، فعمل صغير في مناوأتهم من أهل مصر يوجب - بعون الله - سقوطهم وتنكيس أعلامهم، ورجوعهم بالخيبة خاسرين.

فالثبات الثبات! وحذار حذار من التواني والتقاعد! هذا وقت يقرب فيه المؤمنين إلى ربهم بأفضل عمل شرعي، هذا وقت تنال فيه سعادة الدارين، للعامل فيه خير الدنيا وله في الآخرة الحسنى وزيادة، هذا وقت تظهر فيه ثقة المؤمن بوعد ربه، هذا وقت يشكر فيه العامل على بسيط الأرض، ويحمد له عمله فوق سبع سموات.

ألا إن الشيطان يخوف أولياءه، فلا تخافوا أعداءكم ولا تكونوا كالذين استحبوا الدنيا على الآخرة، إن الله تعالى قد جعل من علامات الإيمان حب الموت اختيارا لرضاه وإعلاء لكلمته، كونوا مع الله في نصره ينصركم ويثبت أقدامكم، ثقوا بوعد الله؛ فلن يخلف الله وعده، إن أخلصتم له في العمل سلوا قلوبكم، وامتحنوا إيمانكم، ولا ترتابوا في وعود ربكم، فلن يرتاب فيها إلا القوم الكافرون.

الفصل السابع والتسعون

الصراع بين إنجلترا وفرنسا

أظهرت جريدة إستندارد عند كلامها على السياسة الفرنسية حدة زائدة، وقالت: إنا وإن كنا لا ننصح حكومتنا (الإنجليزية) بمعاداة دولة فرنسا؛ ولكن علينا أن ننهج الطريق الذي يوافقنا بدون أن ننتظر فضلا من الأمة الفرنسية ولا أن نخشى غائلتها؛ فإن كل عمل لا يبنى على هذا الأساس لا تكون غايته إلا الخيبة، ولا عاقبة له إلا الخسارة، وإن تباين المصالح بين فرنسا وإنجلترا في درجة لا يمكن معها وفاق بين الدولتين. ا.ه.

ولم تنفرد جريدة إستندارد بهذا القول، ولكن على شاكلتها جميع الجرائد الإنجليزية المهمة، وليست جرائد فرنسا بأقل حدة من جرائد إنجلترا في تسوئة السياسة الإنجليزية، وهذا مما يرشد إلى تمكن النفرة بين الدولتين، وربما ذهب بهما التباغض الذي يزداد يوما بعد يوم إلى مقارعة أشد من مقارعة الكلام.

والسياسيون في إنجلترا يرون أنهم يخسرون في ذلك اليوم أكثر مما تخسر حكومة فرنسا؛ فإن انفرادهم عن الدول وضعفهم في القوى العسكرية، وجفول أمتهم من الحرب خارج بلادهم، إذا امتد زمنها أو كان المنازل فيها أمة قوية حربية؛ كل هذا سيوقعهم في فشل لا يسهل عليهم النجاة من عواقبه - نسأل الله تحقيق ما يخافون.

الفصل الثامن والتسعون

نكاية الإنجليز

صفحة غير معروفة