عقلاء المجانين
محقق
خادم السنة المطهرة أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
أبو سعيد الضبعي
قال سعيد بن عامر مر بي أبو سعيد الضبعي ذات يوم فقلت له ألا تجلس عندي ساعة؟ قال بلى متزينًا بمجالستك فجلس فقلت: يا أبا سعيد ما أفضل الكلام؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدًا رسول الله ﷺ. قلت وأي الأعمال أفضل؟ قال إقام الصلاة. وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، والحج إلى بيت الله الحرام، وبر الوالدين. قلت فأي الرجال أحب إليك؟ قال أحسنهم خلقًا. قلت فأي النساء أحب إليك؟ قال المتحببة النقية وإن كانت قبيحة.
قال بكار بن علي قلت لأبي سعيد يومًا كيف أصبحت؟ قال أصبحت مؤمنًا بالله لا أقول بقول القدرية ولا المرجئة ولا بقول الجهمية ولا الرافضة فأما القدرية فتزعم أن العبد لو لقي الله بمثل حبة خردل من المعاصي مصرًا عليها كان في نار جهنم مخلدًا. وأما المرجئة فتقول من لقي الله بشهادة لا إله إلا الله فهو في الجنة وإن زنى وإن سرق. وقالت الجهمية علم الله مخلوق فكفرت بالخالق. وقالت الرافضة بعث جبريل ﵇ إلى علي فغلط فجاء إلى محمد. فكفرت بالله وجحدت محمدًا ﷺ. قلت فما تقول أنت؟ قال: أقول خلق الله الخلق كما يشاء لا كما يشاؤون فمن عذبه منهم عذبه غير ظالم. ومن رحمه فرحمته وسعت كل شيء ﷿ أن يقال له لم وكيف فقد قال تعالى في كتابه العزيز " لا يُسأل عما يفعل وهم يُسالون ". ثم قال يا ابن عامر هل أنكرت شيئًا؟ قلت لا.
قال سعيد بن عامر كان بالبصرة وال يقال له محمد بن سليمان وكان كلما صعد المنبر أمر بالعدل والاحسان. فاجتمع قوم من نساك البصرة فقالوا أما ترون ما نحن فيه من هذا الظالم الجائر وما يأمر به. فأجمعوا ان ليس له إلا أبا سعيد الضبعي. فلما كان يوم الجمعة احتوشوا أبا سعيد وهو لا يتكلم حتى يحرك فلما تكلم محمد بن سليمان حركوه. وقالوا يا أبا سعيد، محمد يتكلم على المنبر يأمر بالعدل والاحسان. فقال يا محمد بن سليمان إن الله ﷾ يقول في كتابه العزيز " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا يفعلون كبر مقتًا
1 / 83