ثم طلب مني بعض خلص الأحباب وأجلة الأصحاب أن أحشي ((شرح الوقاية))، وأعلق عليه تعليقا مختصرا من ((السعاية))، فبادرت إلى إجابة ملتمسهم، وإنجاح مقترحهم، ظنا مني أن كتاب ((السعاية)) لكونه مشتملا على ما ذكرناه يطول الزمان في اختتامه، والتعجيل في نشر العلم بقدر الإمكان أولى من إبطائه، فكتبت عليه تعليقا سميته ((عمدة الرعاية في حل شرح الوقاية))، التزمت فيها حل المتن والشرح مع ذكر الجرح والدفع، وذكر أدلة الأحكام الفقهية من الكتاب أو السنة النبوية أو آثار الصحابة والأصول المرضية، مع ذكر اختلاف الأئمة الحنفية، من دون اهتمام بذكر اختلافات غيرهم من الأئمة المرضية، بالغت فيه في توضيح مطالب الشرح والمتن، وما يتعلق بهما من السؤال والجواب مع الضبط المستحسن.
وأوردت حسب مناسبة المقام بعض الفروع التي يحتاج إليها غالبا، وأشرت إلى دفع الشبهات الواردة على مسائل الحنفية رمزا وصراحة، وليس غرضي من هذا التأليف وسائر تأليفاتي وكفى بالله شهيدا الرياء والسمعة والافتخار، وإظهار الفضيلة، فأي فخر لمن لا يدري ما يمضي عليه في القبر والحشر، وأي فضل لمن خلق من القذر، بل أن تنتفع به الطلبة، وتبتصر به الكملة، ويكون زادا نافعا لي في سفر الآخرة، وباعثا لنجاتي من الأهوال الهائلة، وكثيرا ما أنشد قول التاج السبكي(1):
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي
من وصل غانية وطيب عناق
صفحة ١١