وعرف الحرام في مفتح ((رسالته)) بما ثبت النهي فيه بلا معارض، وذكر أن حكمه الثواب بالترك، والعقاب بالفعل، والكفر بالاستحلال في المتفق عليه(1)، ثم ذكر في الباب الخامس المنعقد لتعداد المحرمات، منها: الجهر بالتسمية، والالتفات يمينا وشمالا بتحويل بعض الوجه، والاتكاء على الإسطوانة أو اليد ونحوه بلا عذر، ورفع اليدين في غير ما شرع، ورفع الأصابع في الركوع والسجود، والجلوس على عقبية للتشهد، والإشارة بالسبابة في التشهد، والزيادة بعد التكبير، والثناء(2).
وهذا كله مخالف لأكثر الكتب المعتبرة، بل كلها، فإنهم عدوا أكثر هذه الأشياء في المكروهات، وبعضها ليس بمكروه أيضا على القول الصحيح الذي ليس ما سواه إلا غلطا قبيحا، كالإشارة بالسبابة، أو لم يعلم أن تعريف الحرام الذي ذكره ليس بصادق على أكثرها، فأي نهي ورد في الجهر بالتسمية، وفي رفع اليدين في غير ما شرع، وفي الإشارة، وفي زيادة الأذكار على الثناء، وغيره، ونظائر هذا في تلك الرسالة كثيرة، شاهدة على أنها جامعة للغث والسمين، من غير فرق بين الشمال واليمين.
والحكم في هذه الكتب الغير المعتبرة وأمثالها إما لعدم الاطلاع على حال مؤلفيها، وإما لثبوت عدم اعتبار مصنفيها، وإما لجمعها بين الرطب واليابس، واحتوائها على مسائل شاذة، وإما لغير ذلك أن يؤخذ ما صفا منها، ويترك ما كدر منها، وأن لا يؤخذ بما فيها إلا بعد التأمل والفكر الغائر، ولحاظ عدم مخالفته للأصول، والكتب المعتبرة.
صفحة ٥٥