إن ما في المتون مقدم على ما في الشروح، وما في الشروح على ما في الفتاوى، فإذا وجدت مسألة في المتون الموضوعة لنقل المذهب ووجد خلافها في الشروح أخذ بما في المتون، وإذا وقعت المخالفة بين ما في الشروح وبين ما في الفتوى، أخذ بما في الشروح لكن هذا إذا لم توجد التصحيح الصريحي في الطبقة التحتانية، قال الشيخ أمين(1) مؤلف ((رد المحتار على الدر المختار)) في ((تنقيح الفتاوى الحامدية)) في (كتاب الإجارة): ذكر ابن وهبان(2) وغيره: إنه لا عبرة لما يقوله في ((القنية))(3) إذا خالف غيره، وقالوا أيضا: إن ما في المتون مقدم على ما في الشروح، وما في الشروح على ما في الفتاوى انتهى.
وقال أيضا في (كتاب الفرائض) منه: في مسألة ما إذا ترك الميت بنت عم وابن خال، بعدما ذكر عن الخير الرملي(1): أنه أفتى بأن الكل لبنت العم، قد ذكروا أن ما في المتون مصحح التزاما؛ أي التزم أصحاب المتون أن يذكروا فيها الصحيح، وأن التصحيح الصريح أقوى من التصحيح الالتزامي، وما أفتى به الخير الرملي صرح بتصحيحه في ((جامع المضمرات))، وقول المؤلف: إن المتون موضوعة لنقل المذهب لا يدل على ترجيح ما فيها من مسألتنا؛ لأن المراد بالمذهب ما يذكر في كتب ظاهر الرواية، وهاهنا كل من القولين صرحوا بأنه ظاهر الرواية، فحيث كان كذلك فعلينا اتباع ما صرحوا لنا بتصحيحه. انتهى.
ثم المراد بالمتون في قولهم: ما في المتون مقدم، ليس جميع المتون، بل المختصرات التي ألفها حذاق الأئمة، وكبار الفقهاء المعروفين بالعلم والزهد والفقه والثقة في الرواية، كأبي جعفر الطحاوي والكرخي والحاكم الشهيد والقدوري، ومن في هذه الطبقة.
صفحة ٤٠