منها: إنهم أدرجوا أبا يوسف ومحمد في طبقة مجتهدي المذهب، الذين لا يخالفون إمامه في الأصول، وليس كذلك، فإن مخالفتهما لإمامهما في الأصول غير قليلة، حتى قال الإمام الغزالي(1) في كتابه ((المنخول)): إنهما خالفا أبا حنيفة في ثلثي مذهبه. انتهى.
وقال شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردري في ((رد المنخول)): إن الإمام أبا حنيفة قد علم أنهما بلغا رتبة الاجتهاد، وإن وظيفة المجتهد العمل باجتهاده دون اجتهاد غيره، فأمر بترك العمل بقوله إذ لم يظهر دليله، وقال: لا يحل لأحد أن يأخذ بقولي ما لم يعلم من أين قلته، ونهى إلى التقليد وندب إلى معرفة الدليل، فلم يظهر لهما دليل قول أبي حنيفة في بعض المسائل، وظهرت لهما الإمارة على خلاف قوله، فتركوا قوله بأمره عملا برأيهما بأمره. انتهى.
فالحق أنهما مجتهدان مستقلان، نالا مرتبة الاجتهاد المطلق، إلا أنهما لحسن تعظيمها لأستاذهما، وفرط إجلالهما لإمامهما أصلا أصله، وسلكا نحوه، وتوجها إلى نقل مذهبه، وتأييده وانتصاره، وانتسبوا إليه.
فمن ثم عدهما المحدث الدهلوي(2) في ((الإنصاف))(3)، وغيره ، وعبد الوهاب الشعراني في ((الميزان)) من المجتهدين المنتسبين.
صفحة ٣٢