ثم إن علماء الدين والأئمة المجتهدين بذلوا جهدهم في تحقيق المسائل الشرعية، وتدقيق النظائر الفرعية، واستنبطوا أحكام الفروع عن الأدلة الأربعة، فاتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة، فمنهم أصحاب الطبقة العالية من الاجتهاد، وهم الذين صادف الدين بهم أقوى عماد، وضعوا المسائل على قواعد أصولهم، وهذبوا مسائل الاجتهاد، مع تنقيح طرق النظر على مذاهبهم، يستمدون في استنباط الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع والقياس من غير تقليد في الأصول ولا في الفروع لأحد من الناس، وحالهم متفاوتة في اشتهار مذاهبهم، واعتبار مشاربهم.
صفحة ١٧